للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى أيامه، سنة تسع وعشرين وخمسمائة، كانت وفاة ظافر الحدّاد الإسكندرانى، وكان من أعيان الشعراء، وله شعر جيّد، فمن ذلك قوله:

ونفّر صبح الشيب ليل شبيبتى … كذا عادتى فى الصبح مع من أحبّه

وقد عدّ هذا البيت من المرقص.

وفى سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، توفّى أبو الغمر محمد بن على الهاشمى الإسنارى، وكان من أعيان الشعراء، وله شعر جيّد، فمن ذلك قوله:

إن قلّ مالى فلا خلّ يصاحبنى … وإن زاد مالى فكل الناس خلاّنى

كم من غريب لأجل المال صاحبنى … وصاحبى حين راح المال خلاّنى

وقوله أيضا:

عذراء تفتر عن درّ على ذهب … إذا صببت بها ماء على لهب

وافى إليها سنان الماء يطعنها … فاستلأمت زردا من فضّة الحبب

وفى هذه السنة، أهدى ملك الفرنج هديّة إلى الحافظ، من جملتها دبّ أبيض، وشعره مثل شعر السبع، وكان ينزل البحر، ويصيد السمك، ويأكله.

وفى أيام الحافظ، دخل مصر شخص يقال له أبو عبد الله الأندلسى، وكان له يد طائلة فى علم السيمياء، فأحضره الحافظ بين يديه، وقال له: «أرينا (١) شيئا من علم السيمياء»، فامتنع من ذلك، فألحّ عليه فى ذلك، فقال له: «غمّض عينك وافتحها»، فغمّض عينه وفتحها، فرأى ساحة القصر كأنها لجّة ماء، وفيها سفينة كبيرة، وحولها شوانى حربية، فوقع بينهما الحرب والقتال، فكانت السيوف تلمع، والقسى ترمى بالسهام، والبنود يخفق، والرءوس تهدر، والدماء يسيل، فلا يشكّ الناظر فى حقيقة ذلك؛ ثم إنّ أصحاب السفينة، سلموا إلى أصحاب الشوانى، فساروا بها والطبول تضرب، والبوقات تزعق، حتى غابوا عن الأبصار، ثم ذهبت تلك اللجّة الماء التى كانت فى القصر، وعاد كما كان.


(١) أرينا: كذا فى الأصل.