للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جانى بك، وكانا شابان (١) جميلان الهيئة، ملاح الأشكال، وقتل معهما أيضا شخص من السلحدارية يقال له أزبك العمرى الخاصكى، المعروف بالبواب، وكان من خواصه، وفى هذه الواقعة يقول محمد بن قانصوه من صادق:

قد قتل الناصر سلطاننا … من فعله المعهود فى الذهن

فهنّئوا أنفسكم مثلنا … بأمن قطع الأنف والأذن

وتقرب هذه الواقعة من واقعة الأشرف خليل بن المنصور قلاون، وقد قتل مثل هذه القتلة بعينها فى تروجة، بمكان يعرف بالحمامات، وذلك فى سنة ثلاث وتسعين وستمائة، وقتله أيضا مماليك أبيه مثل هذه الواقعة بعينها؛ وكانت قتلة الملك الناصر فى يوم الأربعاء بعد العصر خامس عشر ربيع الأول من سنة أربع وتسعمائة، وقتل بأرض الطالبية، وقد نسبت قتلته إلى بعض الأمراء من مماليك أبيه، فكان كما قيل فى المعنى:

كنت من كربتى أفرّ إليهم … فهموا كربتى فأين المفرّ (٢)

فلما قتل صارت جثته مرميّة على الأرض هو ومن قتل معه، فلما دخل الليل حملوه جماعة شيخ الطالبية وأدخلوه فى مسجد هناك، وألقوه على حصير، هو ومن قتل معه، وهو مخبط فى دمه، ورأسه مشبكة فى جثته ببعض شئ، فبات تلك الليلة. - فلما جاءت الأخبار إلى القاهرة بما وقع للناصر من قتلته، فاضطربت أحوال المدينة وماجت بأهلها، ولبس العسكر لأمة الحرب وباتوا تلك الليلة فى اضطراب؛ وكان جماعة من الأمراء قرّروا مع الأمير قانصوه خال السلطان، أنه إذا قتل الناصر يكون هو السلطان بعده، فتغافل عن هذه الواقعة حتى قتل الناصر، ولولا استمالوا خاله لما قدروا على قتله.

فلما كان يوم الخميس صبيحة ذلك بعث خال السلطان ثلاثة نعوش إلى الطالبية،


(١) شابان جميلان: كذا فى الأصل.
(٢) المفر: أضيف بعدها فى ف: وكان كما قيل أيضا:
رعاة الشاة تحمى الذئب عنها … فكيف إذا الرعاة هى الذئاب