للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: هجم رجل على بعض المغاربة وهو يأكل فى رغيف، فلما رآه أقبل ستر الرغيف منه، فقال له الرجل: «أما سمعت فى الحديث، طعام واحد كافى اثنين»؟ فقال له المغربى: «يا أخى، ذاك فى ضوء السراج، إذا كان لواحد يكفى جماعة، وأما فى هذا الرغيف فلا أطعمك منه لقمة».

ولما سلسل النيل فى الزيادة، نسبوا ذلك من فعل الحبشة أنهم حيروا مجرى (١) النيل، فرسم الخليفة الآمر بأحكام الله لبطرك النصارى، أن يتوجّه إلى بلاد الحبشة بسبب مجرى (١) النيل، فتوجّه البطرك إلى بلاد الحبشة، ولم يفد من ذلك شيئا.

وفى هذه السنة شرع الآمر بأحكام الله فى بناء جامعه الذى فى الحسينية، يعرف بالجامع الأنور.

وفى سنة تسع عشرة وخمسمائة، قبض الآمر على الوزير أبو عبد الله الأقمر، وصادره وأخذ جميع أمواله؛ فظهر له من الأموال ما لا يحصى، فمن ذلك مائة صندوق، ما بين ذهب عين، ودراهم فضّة، وجواهر فاخرة؛ ووجد عنده مائة برنية مملوءة من الكافور الفنصورى، الذى لا يوجد، ومن العود القمارى مائة منّ؛ ووجد عنده ثلثماية صندوق فيها قماش جسمه، ما بين سكندرى ودقّ تنيس، وحرير ملوّن، وغير ذلك من سائر الأنواع الغريبة.

ثم قتل أبو عبد الله الأقمر، واستقرّ فى الوزارة بعده المأمون البطائحى، فأقام فى الوزارة نحو سنة، وقبض عليه الآمر وصلبه، واحتاط على موجوده، من غير ذنب يصدر منه.

فلما قتل المأمون البطائحى، لم يلبث الآمر بعده إلا مدّة يسيرة، وقتل، وهو راجع من الروضة على الجسر، الذى كان ينصب برسم الخلفاء، يمشون عليه من غير تعدية، فوثب عليه هناك جماعة من العبيد الزنج، فقتلوه بالخناجر تحت الليل، وهو سكران، فحملوه إلى عند قصره، فمات فى تلك الليلة.

وكانت قتلته فى ليلة الثلاثاء، فى العشرين من ذى القعدة (٢) سنة أربع وعشرين


(١) مجرى: مجراه.
(٢) ذى القعدة: ذى قعدة.