للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانقطع الدرب الشامى من السلوك، وأشرف ملك الفرنج على أخذ مصر، ووصل إلى العريش، وكان ملك الفرنج يسمّى: بردويل.

فلما وصل إلى العريش، مرض هناك مرضا شديدا، ومات بالعريش؛ فكتم أصحابه موته خوفا من المسلمين، وشقّوا بطنه، وأرموا مصارينه، ودفنوها بالعريش.

وقد صار من يومئذ لا يمرّ أحد من المسافرين بالعريش، إلا ويرجم ذلك المكان، الذى دفنت فيه مصارين بردويل، وسمّيت إلى الآن سبخة بردويل؛ وأما جثته فحملت إلى بيت المقدس، ودفنت بالقيامة (١) التى هناك.

وفى سنة خمس عشرة وخمسمائة، فى رمضان، قتل الوزير الأفضل أبو القاسم شاهنشاه، قتله بعض الفداوية، وهو راكب فى بعض أشغاله.

والأفضل هذا، هو الذى بنى الجامع بثغر الإسكندرية، عند سوق العطارين.

قال ابن خلكان: لما قتل الأفضل، وجد له من الأموال ستمائة ألف ألف دينار ذهب عين، ومن الفضّة مائتين وخمسين أردبا؛ ومن القماش سبعين ألف ثوب حرير، ملوّن؛ ودواة مرصعة بفصوص، قوّمت باثنى عشر ألف دينار؛ ووجد عنده خمسمائة صندوق ما يعلم ما فيها.

ولما قتل الأفضل، تولّى عوضه فى الوزارة أبو عبد الله الأقمر، وهو الذى بنى جامع الأقمر، الذى فى الأمشاطيين عند سوق مرجوش.

وفى هذه السنة، توفّى الشيخ شمس الدين محمد بن إسحق بن أسباط الكندى النحوى، وكان إماما فى النحو.

قال الشيخ شمس الدين الذهبى فى «العبر»: إنّ فى سنة ثمان عشرة وخمسمائة، سلسل النيل فى الزيادة إلى بعد مضى النوروز بتسعة أيام، وبلغت الزيادة فى تلك السنة ثلاثة عشر ذراعا إلا ثلاثة أصابع، فشرقت البلاد، ووقع الغلاء بمصر، وعدمت الأقوات وتناهى سعر القمح إلى ثلاثين دينارا كل أردب، وأكلت الناس بعضها بعضا، واستمرّ الحال على ذلك نحو سنة.


(١) بالقيامة: بالقمامة.