للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكم من طالب يسعى لشئ … وفيه هلاكه لو كان يدرى

فأقام قانصوه الشامى فى البرج أياما، وبعث السلطان مراسيم (١) بقتله، فقتل وحزّت رأسه، وعلّقت على باب الإسكندرية وهى مشهورة، فكان أول من قتل من الأمراء، وكان شجاعا بطلا عارفا بأنواع الفروسية، وكان لا بأس به. - ثم فى أثناء هذا الشهر وصل الأتابكى تمراز وتانى بك قرا، وكانت مدّة سجن الأتابكى تمراز بالإسكندرية ستة أشهر وأيام، وكذلك تانى بك قرا، فخرج الناس إلى ملتقاهما، وطلعا إلى القلعة فى موكب حافل، وعليهما الملاليط الطرح، فلما قابلا السلطان أخلع عليهما، ثم أعاد تمراز إلى الأتابكية، عوضا عن قانصوه خمسمائة؛ وأخلع على تانى بك قرا وقرّره فى أمرة مجلس، عوضا عن أزبك اليوسفى المعروف بالخازندار؛ وأنعم على قنبك المعروف بنائب الإسكندرية، وقرّره من جملة مقدّمين (٢) الألوف؛ وقرّر خشكلدى فى أستادارية الصحبة؛ وعزل أينال السلحدار عن ولاية القاهرة، وقرّر بها قانصوه الفاجر عوضا عنه.

وفيه أخلع السلطان على خاله المقر السيفى قانصوه من قانصوه، وقرّره فى شادية الشراب خاناه، عوضا عن مصر باى الشريفى، بحكم أنه صار مقدّم ألف، وأنعم عليه بأمره طبلخاناه، وهذا أول ظهوره بمصر واشتهاره بها، وكان من جملة مماليك السلطان الجمدارية، ولم يكن خاصكيا، فخدمه السعد جملة واحدة، واستمر يرتقى إلى أن بقى سلطانا كما سيأتى الكلام عن ذلك فى موضعه؛ فلما بقى شاد الشراب خاناه اجتمعت فيه الكلمة، وصار صاحب الحلّ والعقد بالديار المصرية، وصار السعى لأرباب الوظائف من بابه، وعوّلت الناس على أشغالها فى ردّ جوابه.


(١) مراسيم: أضيف بعدها فى ف ما يأتى: على يد قانصوه دوادار الأمير شاد بك أخوخ، الذى قتل وهو يضرب عنق قانصوه الشامى، فلما وصل المراسيم إلى ثغر الإسكندرية، أخرج قانصوه الشامى من برج الإسكندرية وتوجه به إلى آخر المدينة، وضرب عنقه، قتل وكان المشاعلى غائبا، والذى ضرب عنقه كان صبى المشاعلى، وقيل إنه ضربه ثلاث ضربات حتى أطاح رأسه، وعذبه غاية التعذيب، وذلك أن قانصوه دوادار شاد بك أخوخ أخذ بثأر أستاذه منه.
(٢) مقدمين: كذا فى الأصل.