للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قرّر الناصرى محمد بن جرباش فى مشيخة المدرسة الظاهرية، التى بين القصرين (١). - وفيه توفى تاج الدين بن الجيعان وهو عبد اللطيف ابن عبد الغنى بن علم الدين شاكر، وكان متحدّثا فى كتابة الخزانة، وكان شابا حسنا محمود السيرة فى أفعاله، ومات وهو فى عشر الثلاثين. - وتوفى أبو يزيد قصقا الظاهرى جقمق، وكان من الأمراء العشرات.

وفى ربيع الآخر تزايدت الأقوال بوقوع الطاعون، حتى حكى أن شخصا من الأتراك رأى فى منامه ملك الموت، فقال له: من أنت؟ قال: أنا ملك الموت جئت إلى قبض أرواح الكثير من الناس، فإن الطاعون قد دخل مصر؛ فقال له ذلك الجندى: هل تقبض روحى فى هذا الوباء؟ فقال له: قد بقى من عمرك سبعة أيام؛ فانتبه الجندى من المنام وهو مرعوب، فلما أصبح كتب وصيّة، ثم إنه فى اليوم السابع مات كما قيل له، فعدّ ذلك من النوادر الغريبة.

وفيه جاءت الأخبار بأن مملكة حسن بك الطويل فى اضطراب، وأن ابن عثمان أشرف على أخذ بلاد الطويل من يد أولاده، فلما بلغ السلطان ذلك قصد أن يخرج تجريدة صحبة حسين بن أغرلو بن حسن الطويل، الذى كان مقيما بالقاهرة، ثم آل الأمر إلى إهمال خروج التجريدة، ومات حسين فيما بعد لما حجّ، ودفن بالمدينة الشريفة.

وفى جمادى الأولى قويت الإشاعات بوقوع الطاعون، وزعموا أن إنسانا رأى النبى فى المنام، وقال له: إن الطاعون كان واقعا عليكم فشفعت فيكم عند ربى، فقل للناس يصوموا سبعة أيام متوالية؛ فصام الكثير من الناس سبعة أيام متوالية، فلم يفد من ذلك شئ ووقع بالديار المصرية، وكان طاعونا مهولا؛ قلت ولم يقع الطاعون بمصر من سنة إحدى وثمانين وثمانمائة إلا فى هذه السنة، وهى سنة سبع وتسعين وثمانمائة، وقد تأخّر الطاعون عن ميجاله (٢) ستة عشر سنة لم يدخل


(١) القصرين: القصر بين.
(٢) ميجاله: كذا فى الأصل، ولعله يعنى «موعده». وسوف نصادف هذه الكلمة مرة أخرى فيما يلى هنا من المتن، فى أخبار شهر ذى الحجة سنة ٩٠٢.