للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العادة، فثار ريح عاصف، فوقعت من شدّته السحابة التى بالحوش، فأصابت جماعة من الأمراء، وجرح تانى بك الجمالى حاجب الحجاب فى وجهه، وقد وقع عامود السحابة، وجرح أيضا دولات باى الحسنى، وطاحت تخافيف الأمراء وعمائم المباشرين؛ فقام السلطان من وقته ودخل إلى البحرة، وتهارب العسكر وظنوا أنها القيامة، وهرب الفراشون أصحاب النوبة خوفا على أنفسهم من السلطان، وقد اظلم الجو ظلمة شديدة، وقام رعد وبرق، ثم أمطرت السماء مطرا غزيرا حتى جرى السيل فى الأسواق والشوارع، وكان يوما مهولا.

وفيه جاءت الأخبار من سيس بأن فى ذلك اليوم وقع بها صاعقة مهولة، هدمت سور قلعتها، وقتل بها من الناس جماعة. - وفيه توفى شرف الدين عبد الباسط بن البقرى، أخو مجد الدين شقيقه، وكان رئيسا حشما ولى عدة وظائف سنية، منها نظر الاسطبل، ونظر الأوقاف، ونظر الدولة، وكان وجيها عند الناس حسن الهيئة، فكان بين (١) موته وموت أخيه مجد الدين نحوا من شهر، وقيل مات مسموما.

وفى جمادى الأولى جاءت الأخبار من حلب بأن أبا يزيد بن عثمان جهّز عسكرا وقد وصل إلى أدنة، فلما بلغ السلطان ذلك اضطربت أحواله ونادى للعسكر بالعرض، فحضر الأتابكى أزبك باش العسكر، فكتب بحضرته من الجند نحوا من أربعة آلاف مملوك، وعيّن من الأمراء المقدّمين أحد عشر أميرا، ومن الأمراء الطبلخانات والعشرات زيادة على ستين أميرا، حتى عدّت هذه التجريدة من نوادر التجاريد التى لم يسمع بمثلها، وقد بلغ السلطان أن ابن عثمان جمع من العساكر مالا يحصى، فلما عرض الجند وعيّن الأمراء أخذ فى أسباب تفرقة النفقة؛ ثم إنه عيّن ثلاثة من الخاصكية يسيرون (٢) على الهجن لكشف أخبار ابن عثمان بما يكون من أمره واستحثّهم على الخروج وردّ الجواب إليه بسرعة؛ ثم عيّن آقبردى الدوادار وكاتب السرّ ابن مزهر بأن يتوجها إلى جبل نابلس، بسبب جمع العشران من عرب نابلس.


(١) بين: بعد.
(٢) يسيرون: يسيروا.