للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى البحر عمدا، فغرق ومات، وكان عالما فاضلا من ذوى العقول، رئيسا حشما، وجيها عند الأمراء وأرباب الدولة، وكان من أعيان موقعين (١) الحكم، وكان عارفا بأمور صنعة التوقيع، وكان اسمه محمد بن محمد بن على بن عمر بن حسين القاهرى الشافعى، ومولده سنة ثمان وعشرين وثمانمائة، ولكن هانت عليه نفسه لما تأمّل ما سوف يجرى عليه، وكان له أعداء كثيرة، فخاف على نفسه من السلطان، فكان كما يقال فى المعنى:

لا تظهرنّ لعاذل أو عاذر … حاليك فى السرّاء والضرّاء

فلرحمة المتوجّعين حرارة … فى القلب مثل شماتة الأعداء

وفى ربيع الأول قرّر السيد الشريف موفق الدين الحموى فى نظر الجيش بدمشق، عوضا عن محيى الدين عبد القادر بحكم موته؛ وقرّر ولده عبد الرحيم فى كتابة السرّ بدمشق. - وفيه قرر أيدكى الأشرفى فى نيابة القلعة بدمشق، عوضا عن على بن شاهين بحكم صرفه عنها. - وفيه عمل السلطان المولد النبوى، وكان حافلا على العادة فى العام الماضى. - وفيه أحضر السلطان بطرك النصارى، ورئيس اليهود، وقرّر على طائفة اليهود والنصارى مالا له صورة بسبب خروج التجريدة إلى ابن عثمان، وهذا أول فتح باب المصادرات للناس. - وفيه قرّر فى أمرة الحاجّ بركب المحمل جان بلاط الأشرفى الخاصكى أحد الدوادارية، وقرّر بالركب الأول كرتباى كاشف البحيرة.

وفيه أنعم السلطان على مماليكه وهما: قانصوه الألفى، وقانصوه الشامى، بتقدمتى ألف. - ومن الحوادث فيه أن السلطان رسم بتوسيط مجد الدين بن البقرى، وقد جرى عليه شدائد ومحن، وسجن بالمقشرة ما يزيد على ست سنين؛ وكان السلطان يكرهه طبعا، وقد بلغه أن مجد الدين هذا لما قتل يشبك الدوادار أظهر الشماتة به، وتخلّق عياله بالزعفران، وكان حصل له مع يشبك كاينة عظيمة، فلما قتل فرح به وأظهر السرور، فلما أن بلغ السلطان تأثّر منه وجرى له ما جرى؛ وكان مجد الدين


(١) موقعين: كذا فى الأصل.