للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه توفى الشيخ أبو حامد المقدسى، وهو محمد بن خليل المقدسى الشافعى، وكان من أهل العلم والفضل، وله عدّة مصنّفات نفيسة، ومولده بعد العشرين والثمانمائة، لكنه كان سبهللا (١)، بليد الذهن قليل الفهم؛ ومما وقع له أن الزينى أبو الخير بن النحاس الشاعر، داعبه بهذين البيتين، وكتبهما له فى ورقة ودفعهما إليه فى مجلس القاضى كاتب السرّ ابن مزهر، فلما قرأهما استحسنهما ولم يفهم ما فيهما من الدسيسة عليه، فكتبهما بخطّه فى بعض مصنفاته، وأوردهما لابن النحاس، وكان من قوله فيه:

أبا حامد أنت الذى شاع ذكره … بكثرة تأليف وجمع به انفرد

فأنت الذى ما مثل حفظك فى الورى … وأنت الذى ما مثل ذهنك فى البلد

وفيه جاءت الأخبار بوفاة جانم الجداوى، نائب حماة وأتابك دمشق، وكان لا بأس به. - وفيه أشيع عن مثقال الساقى الطواشى الظاهرى، رأس نوبة السقاة، بأنه يضرب فى بيته الزغل، فأرسل السلطان كبس داره وقبض عليه.

وفى ربيع الأول رسم السلطان بعمل حساب قاضى القضاة الحنفى شمس الدين الغزّى، بدار برسباى قرا رأس نوبة النوب، فقاسى من البهدلة والأنكاد ما لا يعبّر عنه. - وفيه ثار بالناس فى فصل الربيع دموية وأمراض حادّة، ومات بذلك جماعة كثيرة، حتى أطلق عليه الفصل الصغير، ومات به من الأعيان سيدى فرج بن تنم نائب الشام، وكان شابا جميل الوجه لم يلتح بعد، فتأسّفت عليه الناس قاطبة.

وفيه عمل السلطان المولد النبوى، وكان حافلا، واجتمع الأمراء والقضاة الأربعة، وكان السلطان شرع فى عمل خيمة كبيرة مدوّرة برسم المولد الشريف، قبل إن مصروفها ثلاثة وثلاثون ألف دينار، فنصبها فى ذلك اليوم بالحوش. - وفيه القاضى نجم الدين يحيى بن حجّى، وهو يحيى بن محمد بن أحمد بن حجّى بن موسى الدمشقى ثم القاهرى الشافعى، وكان عالما فاضلا، ريسا حشما،


(١) سبهللا: كذا في الأصل، وهى كلمة ما زالت تستعمل فى مصر.