للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلطان ونزل إلى داره فى موكب حافل.

وفى ذى الحجة كانت الأضحية غالية ولا توجد إلا قليلا، فحصل للناس غاية القلق بسبب ذلك. - فيه قبض السلطان على شخص يقال له الشريف الأكفانى، زعموا أنه قد قتل زوجته، فضرب بين يدى السلطان فلم يقرّ بشئ، فرسم بسجنه فسجن مدّة طويلة، ثم آل أمره إلى أن صالح ورثة زوجته بمال، وأطلق بعد ما قاسى شدائد ومحنا. - وفيه كان عيد النحر يوم الجمعة، وقد ثبت الشهر بالأربعاء فى اليوم التاسع من ذى الحجة، فحنق السلطان من القاضى زكريا وأشيع عزله، وقد فات الناس صوم يوم عرفة والتكبير فى صبحته، وانطلقت ألسن العامة على القاضى زكريا وسبّوه مجهرا.

وفيه وصل مبشّر الحاج وأخبر أن وقع بمكة سيل عظيم، حتى دخل الحرم وعام منه المنبر (١) ووصل إلى قريب عتبة البيت الشريف، وقتل بالغرق بسببه نحو من سبعين إنسانا، وهدم عدّة دور، وكان أمرا مهولا؛ وأخبر المبشّر بوفاة بدر الدين الدميرى، المعروف بكتكوت، أحد نواب الشافعية، مات بالأزنم من طريق الحجاز، وهو محمد بن يوسف بن على بن محمد بن أحمد بن سلطان الدميرى الشافعى، وكان فاضلا عارفا بصنعة التوقيع (٢)، وكان موقّع الدست وأحد نواب الحكم، وكان فكه المحاضرة، كثير العشرة للناس، طلق اللسان فى حق الناس بالتعليق، وكانت الشعراء تهجوه كثيرا، فمن ذلك قول بعضهم:

قد عيل صبرى من خطب ألمّ به … عقلى وطرفى مذهول ومبهوت

فإن غدا الديك سلطانا فلا عجب … فقد غدا قاضيا فى الناس كتكوت

وفيه يقول الأديب على بن برد بك:

إن الدميرىّ صديقى فلا … أسمع فيه قول واش ولاح

ولا أرى كالغير تقبيحه … بل هو عندى من ملاح الملاح

والنكتة هنا أن الكتا كيت ينادى عليهم يا ملاح الملاح. - وفى أواخر هذه


(١) المنبر: المنير.
(٢) التوقيع: التوقع.