ووقع الشك فى حقيقة قتله؛ ثم أشيع بين الناس أن السلطان قصده السفر إلى حلب بنفسه، ويقيم بها خوفا من عسكر يعقوب بن حسن أن لا يطرق حلب والشام، فإن النواب قاطبة كانوا فى الأسر عند يعقوب بن حسن.
ثم إن السلطان عيّن الأتابكى أزبك إلى السفر إلى حلب، وعيّن معه وردبش أحد المقدمين، وأخلع عليه وأقرّه فى نيابة حلب، عوضا عن أزدمر، وعيّن من الأمراء الطبلخانات والعشرات عدّة وافرة، منهم جانى بك حبيب أمير آخور ثانى، وآخرين من الأمراء، ثم عرض الجند وكتب منهم جماعة كثيرة، ونفق عليهم واستحثّهم على الخروج بسرعة، قبل أن تهجم عساكر الشرق على حلب، ولولا فعل ذلك خرج من يده غالب جهات حلب.
ثم بعد أيام خرج الأتابكى أزبك من القاهرة هو والعسكر فى تجمّل، وكان لهم يوم مشهود، وفوّض السلطان أمر البلاد الشامية والحلبية للأتابكى أزبك، وجعل له التكلم فى أمور المملكة من ولاية وعزل، ولما أراد الرحيل من الريدانية نزل إليه السلطان ووادعه، وجلس عنده مليّا، واشتورا فيما يكون فيه المصلحة بسبب هذه الكاينة، ثم إن الأتابكى أزبك سافر فيما بعد.
وفيه عيّن السلطان تمراز الشمسى قريبه لنيابة الشام، فامتنع من ذلك وادّعى الفقر وعدم اليرق، فوبخه السلطان بالكلام، فحنق منه تمراز ونزل إلى داره وأغلق بابه، ولم يجتمع بأحد من الناس، وصرف نقباءه (١) عن بابه، وكثر القال والقيل فى ذلك، فأرسل السلطان يقول له: توجّه إلى مكة وأقم بها بطالا؛ واستمرّ فى هذه الحركة أياما وهو فى اضطراب، والسلطان يستحثّه فى سرعة الخروج إلى مكة، ثم إن الأتابكى أزبك مشى بينه وبين السلطان بالصلح، فطلع إلى القلعة وقابل السلطان، وأخلع عليه ونزل إلى داره فى موكب حافل، وقد زال ما كان بينه وبين السلطان من الوحشة بسبب نيابة الشام؛ ثم تحوّل أمر نيابة الشام إلى قجماس الإسحاقى أمير آخور، كبير فأخلع عليه وقرّر فى نيابة الشام، عوضا عن قانصوه اليحياوى، بحكم أسره عند