أبو اليمن بن أبى السعادات، وكان من أهل العلم والفضل وأخبر أيضا بوقوع فتنة مهولة بين الشريف محمد بن بركات وبين قبيلة بنى جازان، وحصل بينهما ما لا خير فيه، وآل الأمر إلى أن الشريف محمد قبض على شيخ بنى جازان.
وفى ربيع الآخر كان وفاء النيل المبارك، وقد أوفى فى آخر يوم من أبيب، وكسر فى أول يوم من مسرى، فعدّ ذلك من النوادر، وفيه يقول القائل:
أرى نيل مصر قد غدا يوم كسره … إذا رام جريا فى الخليج تقنطرا
ولكن بعد الكسر زاد تجبّرا … وأفرط هجما فى القرى وتجسّرا
وقال آخر:
إن بحر النيل قد وفّا لنا … ما عليه من قديم قرّرا
وقضانا الدين إلاّ أنه … حين وفّا ما عليه انكسرا
وكان الوفاء فى غيبة السلطان، فتوجّه الأمير لاجين أمير مجلس وفتح السدّ على العادة بأمر تقدّم من السلطان له، وكان يوما مشهودا. - وفى هذا الشهر كانت وفاة القاضى علم الدين شاكر بن الجيعان، وهو شاكر بن عبد الغنى بن شاكر القبطى ابن ماجد بن عبد الوهاب بن يعقوب الدمياطى الأصل المصرى، متولّى ديوان الجيش، وكان ريسا حشما وجيها عند الملوك والسلاطين، وكان عنده تواضع زائد للناس قاطبة، وله اشتغال بالعلم، ومولده فى سنة سبعين وسبعمائة، وهو الذى أنشأ الجامع الذى بالقرب من بركة الرطلى، وكان نادرة فى بنى الجيعان، ولم يجئ فيهم مثله فيما ناله من العزّ.
وفيه وصل السلطان إلى القاهرة وطلع إلى القلعة، وكانت مدّة غيبته (١) فى هذه السفرة نحو شهر وأيام، ودخل له جملة تقادم حافلة، فلما استقرّ بالقلعة أخلع على الشرفى يحيى بن شاكر بن الجيعان، وقرّره فى وظيفة والده. - وفيه توفى ريس الطب والكحل عبد اللطيف بن عبد الواحد بن العفيف، وكان ريسا حشما وأصله من الملكية، ومولده سنة عشرين وثمانمائة.