وفيه وصل الحاج وصحبتهم ابن أمير مكة، والقاضى برهان الدين بن ظهيرة الشافعى، وولده أبو السعود وأخوه، وأحضروا صحبتهم رستم أمير الحاج العراقى، والقاضى، الذى بعث بهما حسن الطويل، وصحبتهما كسوة للكعبة، وأمر أهل المدينة ومكة أن يخطبا فيهما باسم الملك العادل حسن الطويل، وقد تقدّم ذكر ذلك، فرسم السلطان بسجن رستم والقاضى فى البرج الذى بالقلعة، فسجنا؛ وتأخّر الحاج فى هذه السنة عن ميعاده ثلاثة أيام، بسبب موت الجمال وقلّة المياه؛ ثم أرسل خاير بك الخشقدمى الذى يسمى سلطان ليلة، يسأل فضل السلطان بأن ينقله من مكة إلى القدس، ليقيم به حتى ينقضى أجله ويموت هناك، فشفع فيه الأمير يشبك الجمالى، فأجيب إلى ذلك، ونقل فيما بعد من مكة إلى القدس؛ وحضر صحبة الحاج الشيخ سنان الأذربيجانى (١) الحنفى، وهو شيخ تربة الأمير يشبك الدوادار الآن.
وفى صفر أخلع السلطان على القاضى إبراهيم بن ظهيرة وأعاده إلى قضاء الشافعية بمكة، ونزل من القلعة فى موكب حافل، ومعه قضاة القضاة وأعيان الدولة. - وفيه أخلع على تمراز الشمسى بن أخت السلطان، وقرّر فى الرأس نوبة الكبرى، عوضا عن أينال الأشقر، بحكم انتقاله إلى أمرة السلاح. - وفيه عيّن السلطان برسباى الشرفى أستادار الصحبة، بأن يتوجه قاصدا إلى ابن عثمان ملك الروم، وجهّز صحبته هدية سنية.
وفى ربيع الأول كان وفاء النيل المبارك، وقد أوفى فى خامس مسرى الموافق لخامس ربيع الأول، فلما أوفى توجّه الأمير لاجين الظاهرى أمير مجلس وفتح السد على العادة. - وفى ذلك اليوم نودى على النيل بزيادة اثنا عشر أصبعا من سبعة عشر ذراعا، فكان زيادته إلى يوم الوفاء ثلاثة أذرع فى ستة أيام. - وفيه عمل السلطان المولد النبوى بالقلعة، فلم يحضر فيه من الأمراء المقدّمين سوى ثلاثة أنفار، وكان أكثر الأمراء غائبا فى التجريدة، وشئ خرج لأجل فساد العربان.