سار فى زورق نعش قاطعا … منك يا بحر المنايا لججا
وامتطى طرف الردا مستوفزا … طالبا من همّ دنياه النجا
إن يكن فى الترب أمسى هابطا … فسيرقا فى الجنان الدرجا
أو يكن ليل الضريح عاكرا … فسيلقاه شهابا أبلجا
فليطب أرجاء قبر زارها … إنها حاكته فى حسن الرجا
فالحجازىّ بكته مصره … والشهاب اشتاقه بدر الدجا
ليس بدعا إن بكيناه دما … لهب الحزن يذيب المهجا
إن تسل عن حالتى من بعده … فسل الليل إذا الليل دجا
أدمع العين جوار والبكا … خادم ألفيته لى فرجا
رجم السهد الكرى بالدمع من … محجر العينين حتى عرجا
فسقى الله ثراه وابلا … ينبت الروض ويهدى الأرجا
قلت كان بالقاهرة سبعة من الشعراء اجتمعوا فى عصر واحد، وكل منهم يدعى بشهاب، فكان يقال السبعة الشهب، وهم: الشهاب بن حجر رحمة الله عليه، والشهاب ابن الشاب التايب، والشهاب بن أبى السعود، والشهاب بن مبارك شاه الدمشقى، والشهاب بن صالح، والشهاب الحجازى، والشهاب المنصورى، فلما ماتوا رثاهم الشهاب المنصورى بهذه الأبيات وهو قوله:
خلت سماء المعانى من سنا الشهب … فالآن أظلم أفق الشعر والأدب
تقطّب العيش وجها بعد رحلة من … تجاذبوا بالمعانى مركز القطب
تعطّلت خرد الأيام من درر … كانت تحلّى بها منهم ومن ذهب
لو تعلم الأرض ماذا ضمنت بطرت … بهم كما يبطر الإنسان بالنسب
ولو درى المسك أن الترب ضمّهم … لودّ نشقة عرف من شذا الترب
لهفى عليهم إذ التذّ السماع بما … أهدوا إليه التذاذ الذوق بالضرب
إن أبدلوا طربى بالحزن بعدهم … فطال ما أبدلوا الأحزان بالطرب
لو كان صونهم يا قلب يمكننى … لصنتهم بك صون العين بالهدب