للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخشقدمية، من عصبة الظاهر تمربغا، لكون أن أخت كسباى متزوّجة بالظاهر تمربغا، وكان يمنع الجلبان من الوثوب على السلطان، فوقعت العداوة بين كسباى، وخاير بك، وقد تعمّرت القلوب بالتشاحن بينهما.

فاستمرّوا على ذلك حتى استهلّ رجب، فامتنع جماعة كثيرة من الأمراء من الطلوع إلى القلعة، حتى الأتابكى قايتباى المحمودى؛ فلما قويت هذه الإشاعة، خرج الأتابكى قايتباى إلى نحو قليوب، ليكشف على مربع جماله، وكان أوان الربيع، فأذن له السلطان فى ذلك؛ وكان خاير بك، لما تسلطن تمربغا، استمال طائفة الأينالية، واتّفق معهم بأن يتسلطن، وأن يقبض على طائفة الظاهرية قاطبة، والأشرفية قاطبة، وأن تكون الخشقدمية والأينالية شيئا واحدا، ويقتسموا المملكة بينهما، ويرضيهم قاطبة بالإمريات والإقطاعات، فاتّفقوا على ذلك، وأن خاير بك يصعد إلى القلعة، ويقبض على السلطان بعد العشاء، ومن عنده من الأمراء، وأن الأينالية تركب من تحت القلعة، ويقبضوا على بقيّة الأمراء الذين (١) لم يصعدوا إلى القلعة، فانخرم منهم ذلك الاتّفاق، وجاء الأمر بخلاف ذلك على ما يساق.

فلما كان يوم الأحد، ليلة الاثنين سادس هذا الشهر، بات السلطان بالقصر على العادة، وطلع إلى القلعة جماعة من الأمراء المقدّمين، منهم: جانى بك قلقسيز أمير سلاح، والمقرّ الشهابى أحمد بن العينى أمير مجلس، وبعض أمراء مقدّمين، ولم يطلع الأتابكى قايتباى فى تلك الليلة.

فلما صلّى السلطان المغرب بالقصر، ودخل إلى الخرجاة، وقع بين خاير بك الدوادار، وبين كسباى الدوادار الثانى، بعض تشاجر بالقصر، فلما اتّسع الكلام بينهما، ثار على كسباى جماعة من الجلبان، ممن هو من عصبة خاير بك، فقبضوا على كسباى، ومن هو من عصبته، وقيل ضربوا كسباى لما قبضوا عليه، ثم سجنوه فى مكان بالقصر.

فلما اتّسعت (٢) الفتنة لبسوا آلة الحرب، ثم إن خاير بك ندب جماعة من الجلبان،


(١) الذين: الذى.
(٢) اتسعت: اتسعة.