للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النكاح، غير عفيف الذيل، وكان يحبّ العلماء والفقراء، وكان يمازح ندماءه، غير عبوس، وكان لا يوصف بالكرم الزائد، ولا بالبخل المفرط، وهو آخر من مشى من ملوك مصر على النظام القديم، وطريقة الملوك السالفة.

وأمّا ما عدّ من مساوئه، فكان سريعا لعزل أرباب الدولة، ولا سيما لقضاة القضاة، والمباشرين، يأخذ أموالهم، ويعزلهم سريعا؛ ومنها قتله لجانى بك نائب جدّة، وتنم رصاص، من غير ذنب، ولم يكن جانى بك وثب عليه، وكان سببا لسلطنته؛ ومنها أنه كان يقرّب الأراذل والأوباش، ويولّيهم الوظائف السنيّة، ويسلّطهم على الناس؛ ومنها أنه قبض على الصاحب علاى الدين بن الأهناسى، وصادره وأخذ منه نحوا من مائة ألف دينار، وما كفاه ذلك، حتى فكّ رخام بيته الذى فى بركة الرطلى، ونقله إلى تربته، التى أنشأها فى الصحراء؛ وغرّق يرش مملوك جانى بك نائب جدّة، من غير ذنب، وكان شابا صغير السنّ جميل الصورة؛ ومنها أنه ضيّق على الخليفة المستنجد بالله يوسف، وأمره بأن يسكن بالقلعة، داخل الحوش السلطانى، ومنعه من أن ينزل إلى المدينة، بحيث أن أخته الست مريم توفّيت، فلم ينزل يصلّى عليها، واستمرّ بالقلعة إلى أن مات بها.

وفى الجملة إنّه كان عنده لين جانب ورفق بالناس عند المصادرات، بالنسبة لمن جاء بعده من الملوك، وكان له محاسن ومساوئ، من خير وشرّ، وهو الذى أثار فتنة شاه سوار، وجرى من بعده أمور شتى، ووقع بينه وبين ابن عثمان ملك الروم، واستمرّت العداوة عمّالة بينه، وبين سلطان مصر، وجرى منه ما يأتى الكلام عليه فى موضعه.

وقيل إنّه خلّف فى بيت المال من الذهب النقد، سبعمائة ألف دينار، حصّلها لغيره، وقد جمعها من حلال وحرام، ومصادرات، والرشا (١) على الوظائف وغيرها؛ وكانت عدّة مماليكه إلى أن مات، زيادة على ثلاثة آلاف مملوك (٢) من مشترواته؛


(١) والرشا: كذا فى الأصل، ويعنى: الرشوة.
(٢) مملوك: مملوكا.