للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الاصطبل (١)، ويبتاعه على أحد من أعيان الأمراء، ويتصدّق بثمنه على الفقراء، وقد فعل ذلك الملك الظاهر برقوق، والأشرف برسباى، وكان ينزل أمير آخور رابع من باب السلسلة، وهو راكب الفرس، فوق الغاشية الحرير الأصفر، ويدخل على الأمراء، وهو راكب على الفرس، فيبدأ بأمير كبير أولا، ثم ببقيّة الأمراء، فيشتريه من هو أقرب إلى السلطان من الأمراء.

فبينما القاهرة فى اضطراب، وإذا بالأخبار قد جاءت من أسيوط، بأن يونس ابن عمر، أمير عربان هوارة، قد خرج عن الطاعة، وثار على يشبك من مهدى كاشف أسيوط، ووقع بينهما حروب كثيرة، وقتل من مماليك السلطان الذين (٢) مع يشبك جماعة كثيرة، وجرح يشبك فى وجهه جرحا فاحشا، حتى كاد أن يقتل، وقتل من الناس فى هذه المعركة نحو من سبعين إنسانا (٣)، وكانت هذه المعركة على جرجا، فطمّت القتلاء (٤) فى بئر هناك، وانهزم يشبك إلى نحو أسيوط؛ فأرسل يعرّف السلطان بذلك، وأن الرأى يقتضى ولاية سليمان بن عمر، وأن السلطان يبعث تجريدة إلى يونس بن عمر سريعا.

فلما جاء هذا الخبر كان السلطان مشغولا بنفسه عن كل شئ، وكان المتكلّم يومئذ فى أمور المملكة، الأمير خاير بك الدوادار الثانى، وابن العينى، فعيّن الأمير خاير بك قجماس الإسحاقى، أحد الخاصكية، وهو الذى ولى نيابة الشام فيما بعد وأرسل معه خلعة إلى سليمان بن عمر، أمير عربان هوارة، بأن يستقرّ عوضا عن يونس بن عمر، فخرج على الفور؛ ثم رسم لنقيب الجيش بأن يتوجّه إلى بيت الأمير قرقماس الجلب، أمير سلاح، والأمير يشبك الفقيه، الدوادار الكبير، بأن يخرجا نجدة ليشبك من مهدى، ثم عيّن معهما نحوا من أربعمائة مملوك (٥) كلهم أشرفية وظاهرية،


(١) الاصطبل: الاسطبل.
(٢) الذين: الذى.
(٣) إنسانا: إنسان.
(٤) القتلاء: كذا فى الأصل، ويعنى: القتلى.
(٥) مملوك: مملوكا.