للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حصل من المماليك الجلبان فى حقّ الناس، غاية الفساد، من خطف النساء والمرد، وخطف العمائم، وحصل منهم ما لا خير فيه.

وفيه أخلع السلطان على قاصد حسن الطويل، ورسم له بالسفر، وأرسل صحبته هديّة حافلة إلى حسن الطويل، طمعا فى أن يسلّم قلعة كركر ويرجع عنها؛ وكان السلطان قصد أن يرسل إليه تجريدة، وعيّن جماعة من الأمراء بأن يتوجّهوا (١) إلى حلب ويقيمون بها. - وفيه جاءت الأخبار بوفاة (٢) جانى بك الناصرى، نائب طرابلس، وكان رئيسا حشما عاقلا سيوسا، ولى عدّة نيابات، منها: نيابة صفد، وحماة، وطرابلس، وكان لا بأس به.

وفيه ثار جماعة من المماليك الجلبان على أصحاب الدكاكين بمصر العتيقة، فنهبوا الدكاكين التى بها عن [آخرهم، وما أبقوا فى ذلك ممكن] (٣)، وكان سبب ذلك أن مملوكا من الجلبان قتل بجزيرة الصابونى، التى تجاه الآثار النبوى، قتله حارس مقات، بسبب نهب شئ (٤) من البطيخ؛ فلما بلغ السلطان ذلك، عيّن تمر الوالى، وأمره بتحصيل القاتل الذى قتل المملوك، فلما توجّه الوالى إلى هناك، قبض على ثلاثة أنفار من جزيرة الصابونى، فلما أحضرهم بين يدى السلطان أمر بتوسيطهم، ولم يكن لهم ذنب، ولا حضروا قتلة المملوك، فقتلوا ظلما؛ فلم يكتفوا المماليك بذلك، ونزلوا من الطباق مشاة وركاب، ونهبوا مصر العتيقة عن آخرها، وراحت على من راح.

وفى شعبان، ركب السلطان، ونزل من القلعة، وتوجّه إلى جهة مصر العتيقة، وقصد بذلك أن يطيّب خواطر أهل مصر مما جرى عليهم؛ فلما شقّ من مصر العتيقة زيّنت له زينة حافلة، ولما شقّ من هناك أخذوا فى الدعاء له؛ فلما خرج إلى ساحل البحر، توجّه إلى قصر المقرّ الشهابى أحمد بن العينى، الذى أنشأه فى منشية المهرانى، فأقام هناك إلى بعد العصر، فمدّ له ابن العينى مدّة حافلة، وقدّم إليه عدّة خيول وقماش وغير ذلك؛


(١) بأن يتوجهوا: بأن يتوجهون.
(٢) بوفاة: بوفات.
(٣) آخرهم … ممكن: كذا فى الأصل.
(٤) شئ: شيئا.