للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخر:

ربّ وفّ النيل إنّا … منه فى شرّ وباوه

ما بقى للناس صبر … يحملون اليوم غلوه

ومن الحوادث أنّ فى سنة تسع وأربعين وثلثماية، جاءت الأخبار بأنّ السيل نزل على الحجّاج، وأخذهم عن آخرهم، وألقاهم فى البحر المالح.

وفى أيامه توفّى السيد العلوى الشريف أحمد بن محمد بن إسمعيل بن إبراهيم طباطبا المصرى، وكان شاعرا ماهرا، وله شعر جيّد، مات فى شعبان سنة خمس وأربعين وثلثماية، ومن نظمه الرقيق، وهو قوله:

رأيت الهلال ووجه الحبيب … فلم أدر أيهما أنور

على أنّ ذاك بعيد المنال … وهذا قريب لمن ينظر

وذاك يغيب وذا حاضر … وما من يغيب كمن يحضر

ونفع الهلال لنا ساعة … ونفع الحبيب لنا أكثر

واستمرّ الأمير أبو بكر بن محمد بن طقج على ولايته بمصر، حتى مات سنة تسع وأربعين وثلثماية، فكانت مدّة ولايته بمصر نحو خمس عشرة سنة؛ وكان وافر الحرمة، نافذ الكلمة، بلغ خراج مصر فى أيامه ألفى ألف ألف دينار، وانصلح الحال على أيامه، وبلغت عدّة عساكره بمصر والشام، نحو أربعمائة ألف فارس، وهو أول من رتّب الجوامك للجند بقدر معلوم فى كل شهر؛ ولما مات دفن بمصر، عند مدينة الفسطاط، وقد رثاه أبو الطيب المتنبى بهذه الأبيات:

هو الزمان مشت بالذى جمعا … فى كل يوم نرى من صرفه بدعا

لو كان ممتنع تغنيه منعته … لم يصنع الدهر بالإخشيد ما صنعا

ذاق الحمام فلم تدفع عساكره … عنه القضاء ولا أغناه ما جمعا

لو يعلم اللحد ما قد ضمّ من كرم … ومن فخار ومن نعماء لاتّسعا

يا لحد طل إنّ فيك البحر محتبسا … والليث مهتصرا والجود مجتمعا

يا يومه لم تخصّ الفج فيه لقد … كلّ الورى برزء الإخشيد قد فجعا