للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه وقعت نادرة غريبة، وهو أن إنسانا كان له على شخص دين، نحو ستمائة نقرة، فمات المديون، فلما بلغ صاحب الدين موته، أخذ معه أربعة (١) نقباء ونبع الجنازة، فأدرك الميّت قبل أن يوضع فى قبره، فاحتمله هو والنقباء، وعاد به إلى القاهرة، ودخل به من باب النصر، وصمّم على عدم دفنه حتى يأخذ الأشرفيين من زوجته، فلما علم العوام قصّته حملوا النعش بالميّت، وصاحب الدين، والنقباء، وأتوا بهم إلى المدرسة الصالحية، فرفعت هذه الواقعة بين يدى القاضى جلال الدين بن الأمانة، أحد نوّاب الشافعية؛ فلما رأى هذه الواقعة، وكادت أن تكون فتنة كبيرة، وأن العوام يقصدوا (٢) قتل صاحب الدين لا محالة، أخذ فى أسباب تخميد هذه الفتنة، فساس الأمر أحسن سياسة، وأحضر صاحب الدين، وعزّره أشدّ تعزير، هو والنقباء، على عدم دفن الميّت ورجوعه، ثم صلّى على الميّت ثانيا وأمر بدفنه، فسكنت هذه الفتنة، وعدّت (٣) هذه الفعلة من دربته وسياسته، انتهى ذلك.

وفيه عيّن السلطان تجريدة إلى البحيرة، وكان باش العسكر الأمير أزبك من ططخ، حاجب الحجّاب، وعدّة من الأمراء، ومماليك سلطانية. - وفيه نزل السلطان من القلعة، وتوجّه إلى بيت برد بك البجمقدار، نائب حلب، فسلّم عليه، ثم دخل إلى بيت برقوق، الذى تولّى نيابة الشام فيما بعد، تم عاد إلى القلعة.

وفيه نقل السلطان برسباى البجاسى، من نيابة طرابلس، إلى نيابة الشام، عوضا عن جانى بك التاجى؛ وقرّر فى نيابة طرابلس جانى بك نائب حماة؛ وقرّر فى نيابة حماة بلاط، نائب صفد؛ وقرّر فى نيابة صفد يشبك قلق المؤيّدى، أحد الأمراء المقدّمين بدمشق. - وفيه وصل قاصد جاكم صاحب قبرص (٤)، وأخبر بقتل جانى بك الأبلق، المقدّم ذكر وفاته، فلما تحقّق السلطان ذلك عيّن سودون المنصورى. ليخرج مع قاصد جاكم، لكشف الأخبار عن حقيقة قتله.


(١) أربعة: أربع.
(٢) يقصدوا: كذا فى الأصل.
(٣) وعدت: وعدة.
(٤) قبرص: قبرس.