للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم عمل الموكب بالقصر، وأخلع على الأمير يشبك الفقيه المؤيّدى، وقرّر فى الدوادارية الكبرى، عوضا عن جانى بك نائب جدّة؛ وأخلع على سودون البردبكى المؤيّدى، وقرّر فى الحسبة، عوضا عن تنم رصاص؛ وقرّر فى الأمير آخورية الثانية، نانق الظاهرى، عوضا عن سودون البرقى؛ وأخلع على المعلّم شمس الدين محمد البباى، وقرّر فى نظر الدولة، وهنا أول عظمة (١) البباى فى الوظائف السنيّة.

وفيه توفّى الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عمر بن شرف القرافى المالكى، سبط ابن أبى جمرة، وهو والد القاضى بدر الدين، وكان عالما فاضلا فى مذهبه، وناب فى القضاء، وكان عيّن لقضاء المالكية فى أيام الأشرف أينال، قبل حسام الدين ابن حريز، فما تمّ ذلك، ومولده سنة إحدى وثمانمائة، وكان من أعيان المالكية.

ثم إنّ السلطان ما اكتفى (٢) بقتلة جانى بك نائب جدّة، حتى قبض على جماعة من الأمراء الظاهرية، وهم: تمربغا رأس نوبة النوب، وأزبك من ططخ أحد الأمراء المقدّمين؛ ومن الأمراء العشرات: برقوق، وقانى باى الساقى، فقيّدوهم ونزلوا بهم على أكاديش، تردفهم الأرجاقية بالخناجر، فشقّوا بهم من الصليبة، وتوجّهوا بهم إلى بولاق، ونزلوا بهم فى الحرّاقة، وتوجّهوا بهم إلى السجن بثغر الإسكندرية، وكان لهم يوم مهول (٣).

وسبب ذلك، أن السلطان كان له قصد (٤) بأن يقبض على جماعة من أعيان الظاهرية، فندب إليهم جماعة من مماليكه، فقبضوا على من تقدّم ذكرهم، فلما جرى ذلك قامت عليه الأشلة، وقصدوا الظاهرية بأن يثبوا عليه، وكادت أن تكون فتنة كبيرة، فيها زوال ملكه؛ فلما تحقّق ذلك استدرك فارطه، وقصد تخميد هذه الفتنة، فبعث خلف قايتباى المحمودى، وأزبك اليوسفى، وشرع يعتذر لهما، بأن الذى جرى من


(١) عظمة: عظمت.
(٢) اكتفى: اكتفا.
(٣) مهول: مهولا.
(٤) قصد: قصدا.