للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبرص (١)، وأن الفرنج قد تحرّكت عليه، فاهتمّ السلطان بخروج تجريدة من مصر إلى قبرص (١). - وفيه توفّى الشيخ الصالح المعتقد المجذوب سيدى أحمد خروف، رحمة الله عليه، وهو أحمد بن خضر بن سليمان السطوحى، وكان من بيت صلاح أصله، وظهر له كرامات خارقة.

وفيه، فى يوم عيد النحر، صلّى السلطان صلاة العيد، وخرج من الجامع، وتوجّه إلى الإيوان، ونحر الضحايا هناك على العادة القديمة، وكان الأشرف أينال أبطل ذلك، وصار ينحر الضحايا بالحوش، خوفا من شرّ مماليكه كما تقدّم. - وفيه توفّيت الستّ خديجة بنت الأتابكى جرباش كرت، من خوند شقرا ابنة الناصر فرج، وقد ماتت نفساء، وكان موتها يوم عرس أختها على خاير بك المصارع، فانقلب ذلك الفرح بالعزاء، فتوجّه الأتابكى جرباش إلى التربة، بسبب مأتم ابنته.

فبينما هم على ذلك، وإذا بالمماليك الأشرفية، والأينالية؛ قد وثبوا على السلطان، فلما ركبوا توجّهوا إلى تربة الظاهر برقوق، بسبب الأتابكى جرباش، وكان مقيما هناك لأجل مأتم ابنته التى ماتت، فلما أحسّ بهم اختفى فى فسقية الموتى، فقبضوا المماليك على ولده سيدى محمد، وهدّدوه بالقتل، فدلّهم عليه، فأتوا إليه وأخرجوه من الفسقية، وأركبوه غصبا على كره منه، من تربة الظاهر برقوق، وتوجّهوا به إلى باب النصر، ورفعوا على رأسه سنجق (٢)، ولقّبوه بالملك الناصر، وكثر الدعاء له بالنصر من العوام وغيرها، واستمرّ على ذلك، وشقّ من القاهرة، ودخل من باب زويلة، حتى أتى إلى دار قوصون (٣) التى عند حدرة البقر؛ فعند ذلك اشتدّت الفتنة، وكثر الاضطراب، فجلس بالمقعد الذى بدار قوصون، وصاروا الأشرفية، والأينالية، [يقاتلون قتالا هيّنا] (٤)، وقد بنوا على غير أساس، وصاروا لا رأى ولا تدبير؛


(١) قبرص: قبرس.
(٢) سنجق: صنجق.
(٣) قوصون: قرقصون.
(٤) يقاتلون قتالا هينا: يقاتلوا قتال هين.