للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما وثب العسكر على الملك المؤيّد أحمد فى رمضان، وانكسر وخلع من السلطنة كما تقدّم، فاتّفق رأى الأمراء على سلطنة الأتابكى خشقدم إلى أن يحضر جانم نائب الشام، فيسلطنوه، فلما تسلطن خشقدم ثبت فى السلطنة، حتى مات على فراشه وهو سلطان، كما سيأتى ذكر ذلك فى موضعه.

وفى اليوم الثانى من سلطنته، توفّى الأمير يونس الآقباى، المعروف بالبواب، أمير دوادار كبير، صهر السلطان [أينال] (١)، وكان مريضا، فمات فى ذلك اليوم، وكان أميرا رئيسا حشما، عاقلا سيوسا، جوادا كريما سخيّا، ذا هيئة وشهامة زائدة، وله برّ ومعروف، قليل الأذى، وأصله من مماليك آقباى المؤيّدى نائب الشام، وولى عدّة وظائف سنيّة، منها: شادية الشراب خاناه، ثم بقى مقدّم ألف، ثم بقى دوادارا كبيرا، وتزوّج ببنت الأشرف أينال، وكان لا بأس به فى الأمراء.

ثم إن السلطان رسم بإخراج الملك المؤيّد أحمد إلى ثغر الإسكندرية، فنزل من القلعة وقت الظهر وهو مقيّد، هو وأخوه الناصرى محمد، وقراجا الطويل، فنزلوا من باب السلسلة، وشقّوا من الصليبة، وهم على أكاديش، والملك المؤيّد على فرس، وهم فى قيود، وخلفهم الأوجاقية بالخناجر يردفونهم، فكثر عليهم الأسف والحزن والبكا، وشقّ ذلك على الناس، وكان يوما مهولا؛ ثم ساروا على تلك الهيئة، حتى وصلوا بهم إلى ساحل بولاق، فنزلوا بهم فى الحرّاقة، وساروا بهم إلى السجن بثغر الإسكندرية، وكان المتسفّر عليهم خاير بك الأشقر المصارع، فسجنهم بثغر الإسكندرية ورجع إلى مصر؛ واستمرّ الملك المؤيّد أحمد فى السجن بالإسكندرية، إلى أن كان من أمره ما سنذكره فى موضعه إن شاء الله (٢) تعالى، وبه زالت دولة الملك الأشرف أينال، كأنها لم تكن، فسبحان من لا يزول ملكه ولا يفنى (٣).

فلما تمّ أمر الظاهر خشقدم فى السلطنة، عمل بالقصر عدّة مواكب، وأخلع


(١) [أينال]: تنقص فى الأصل.
(٢) إن شاء الله: انشاء الله.
(٣) يفنى: يفنا.