على كتف الزمام، فبايعه الخليفة، وأشرط على الأمير ططر أن يكون هو القائم بأمور المسلمين، إلى أن يحضر الأتابكى ألطنبغا القرمشى، وكان غائبا فى التجريدة نحو البلاد الشامية، فتعصّبوا مماليك المؤيّد لابن أستاذهم وسلطنوه، وكانوا نحوا من خمسة آلاف مملوك، فما وسع الأمراء إلاّ الدخول تحت الطاعة.
فأحضروا له خلعة السلطنة، وقد فصّلت على قدره وألبسوها له، وتلقّب بالملك المظفر، فأركبوه فرس النوبة، وهو يزعق من البكاء، ومشت قدّامه الأمراء حتى دخل القصر الكبير، فجلس على سرير الملك، وهو فى حجر المرضعة ترضعه، فباسوا له الأرض، وكان العادة القديمة إذا تسلطن سلطان وجلس على سرير الملك، تدقّ له الكوسات فى القصر، فلما جلس فى حجر المرضعة، ودقّت الكوسات على غفلة، اضطرب اضطرابا شديدا وأغمى عليه، وحصل له فى الحال حول فى عينيه، من الرجفة، واستمرّ فى كل وقت يضطرب إلى أن مات فيما بعد؛ ثم نودى باسمه فى القاهرة، وضجّ الناس له بالدعاء.
ثم إن الأمير ططر سكن بالأشرفية التى بالقلعة، وصار صاحب الحل والعقد فى أمور المملكة، وإليه المرجع فى الولاية والعزل؛ ثم إنه عمل الموكب بالقصر، وقبض على قجقار القردمى أمير سلاح، وعلى جلبان أحد المقدّمين، وعلى شاهين الفارسى أحد المقدّمين الألوف، فلما سمع الأمراء بذلك تسحّب منهم جماعة إلى جهة الشام، منهم مقبل الدوادار الكبير، وجماعة من الأمراء الطبلخانات، والعشروات، فساق خلفهم جانى بك الصوفى، ومقبل ميق فلم يلحقهم (١)، وعادوا إلى القلعة.
ثم إن ططر عمل الموكب، وأخلع على جماعة من الأمراء، وهم: جانى بك الصوفى، وقرّر أمير سلاح؛ وأخلع على على باى المؤيدى، وقرّر دوادار كبير، وكان أمير عشرة؛ وأخلع على تغرى بردى من قصروه، وقرّر أمير آخور كبير، وكان أمير عشرة؛ ثم أخلع على أينال الأزعرى، وقرّر حاجب الحجّاب؛ ثم أنعم بتقادم ألوف على جماعة من الأمراء المؤيّدية، وجعل منهم أمراء طبلخانات وعشروات، وأنعم على جماعة من المماليك بإقطاعات سنيّة.