سلطنته دون أبيه، فطلع كاتب السرّ ابن البارزى، وأخبر السلطان بذلك، وحسّن له غبارة أن يسمّه، على ما قيل سمّه فى حلوى، فمات بعد مدّة، وقد قال سيدى إبراهيم ابن أدهم، رحمة الله عليه، فى معنى ذلك:
أرى أناسا بأدنى الدين قد قنعوا … ولا أراهم رضوا فى العيش بالدون
فاستعن بالله عن دنيا الملوك كما … استغنى الملوك بدنياهم عن الدين
فلما اشتدّ بابن السلطان المرض، توجّهوا به إلى بولاق فى محفّة، ونزل ببيت ابن البارزى، فأقام به وهو عليل، فندم السلطان بعد ذلك على ما فعله، وأمر الأطباء بعلاجه، وصار ابن البارزى فى مهدّة (١) مع السلطان؛ فإنه كان سببا لذلك، وقد مات ابن السلطان، والسلطان، وابن البارزى، فى سنة واحدة، كما سيأتى ذكر ذلك.
وفى جمادى الأولى، توفّى قاضى قضاة المالكية جمال الدين الأقفهسى، مات وهو متولّى بمصر القضاء؛ ثم بعد موته أخلع السلطان على الشيخ شمس الدين محمد البساطى، وقرّره فى قضاء المالكية، عوضا عن الأقفهى بحكم وفاته، وقال بدر الدين الدمامينى فيه:
قد نلت يا قاضى القضاة مطالبى … بكنوز جود منك أورثت الغنا
وأخافنى دهرى الظلوم فمذ … رآنى داعيا لك آمنا
وفيه كشف السلطان على الميدان الناصرى، وكان قد تشعّث، فأمر بإصلاحه، ثم توجّه من هناك إلى بولاق لزيارة ولده سيدى إبراهيم، وقد نقل من بيت ابن البارزى إلى الحجازية التى فى بولاق. - وفيه توفّى القاضى شمس الدين محمد بن البرقى، أحد نوّاب الحنفية.
وفى جمادى الآخرة، أكمل القاضي ناصر الدين ابن البارزى عمارة الجامع الذى بجوار بيته، الذى فى بولاق، وأقام به الخطبة، وخطب به قاضى القضاة جلال الدين البلقينى، وصلّى به السلطان، وكان هذا الجامع يعرف قديما بمسجد الأسيوطى، فلما جدّده ابن البارزى عرف به، وبات السلطان عند ابن البارزى تلك الليلة، ثم ركب