وتشاجروا مع طائفة من مماليك الأمراء، واشتدّ ما بينهم من الشرّ، حتى أزعج الناس بالقاهرة، وباتوا مترقّبين وقوع الحرب.
وكان قد تقدّم من السلطان إلى الأمير يشبك، أن يتحوّل من داره، فإنّها مجاورة لمدرسة السلطان الملك الناصر حسن، فإنّه وشى به، أنّه يسوّر إليها، ويرمى منها على القلعة، فامتنع من ذلك، فساء الظنّ به.
واستدعى السلطان القضاة، فى يوم السبت ثانيه، إلى بيت الأمير الكبير الأتابك بيبرس ابن أخت الملك الظاهر، ليصلحوا بين الأمير أينال باى، والأمراء، فامتنع أن ينزل من الاصطبل، وتسوّر بعض أصحاب الأمير يشبك على مدرسة حسن.
فتحقّق السلطان ما كان يظنّه بيشبك، وأخذ كل أحد فى أهبة الحرب، وأصبحوا جميعا يوم الأحد لابسين السلاح، وقد أعدّ يشبك بأعلا مدرسة حسن مدافع النفط، والمكاحل، ليرمى بها على الاصطبل السلطانى، ومن يقف تحت القلعة بالرميلة.
ونزل السلطان من قلعة الجبل إلى الاصطبل، واجتمع عليه من أقام على طاعته من الأمراء والمماليك.
وأقام مع يشبك من الأمراء المقدّمين سبعة، هم: تمراز الناصرى، أمير سلاح، ويلبغا الناصرى، وأينال حطب العلاى، وقطلوبغا الكركى، وسودون الحمزاوى، رأس نوبة، وطولو، وجركس القاسمى المصارع؛ وانضمّ معهم سعد الدين إبراهيم ابن غراب، الأستادار، وناصر الدين محمد بن سنقر البكجرى، وناصر الدين محمد ابن على بن كلفت، فى جماعة من الأمراء، والمماليك السلطانية، ومماليك الأمراء.
وثبت مع السلطان: الأمير الكبير بيبرس بن عمّته، والأمير أينال باى بن قجماس عمّ أبيه، والأمير سودون الماردينى، والأمير بكتمر، والأمير آقباى، حاجب الحجّاب، وأكثر المماليك الظاهرية.
فأقاموا على الحصار، والمراماة، من بكرة الأحد، إلى ليلة الخميس سابعه، وقد أخذ أصحاب السلطان على اليشبكية المنافذ، وحصروهم، والقتال بينهم مستمرّ، وأمر يشبك فى إدبار.