للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتمرلنك مشرف على مكان مرتفع يرتّب عساكره، وثبت كل من الفريقين حتى قتل بينهما، على ما قيل، نحو الثمانين ألفا، وتعيّن الغلب للروم على عسكر تمرلنك، حتى همّوا بالهزيمة.

فلما كان فى آخر النهار، خرج كمين لتمرلنك، فيه نحو المائة ألف، وصدم الأمير سلمان بن أبى يزيد بن عثمان (١)، فانكسر، ولحق بأبيه فى ثلث العسكر، فانكشفت الميمنة، وانقلبت على القلب، ففرّ الأمير سلمان فى نحو مائة ألف، يريد مدينة برصا، تخت الملك، وأحاطت عساكر تمرلنك عند ذلك بابن عثمان (١)، ومن ثبت معه، وأخذوه أسيرا، وجاءوا به إلى تمرلنك، وقد تفرّقت جمائعه، وتمزّقوا كل ممزّق، فلو لم يحل بينهم الليل، لما أبقى التمرية منهم أحدا.

ولما جئ بابن عثمان (١) إلى تمرلنك، أوقفه، وأنّبه، ثم وكّل به؛ وبعث من الغد فى تتبّع المنهزمين، فأحضر إليه من الجرحى (٢) نحو الثلاثة آلاف؛ وتفرّقت التمرية فى بلاد الروم، تعيث، وتفسد، وتنهب، وتنوّع العذاب على الناس؛ وأحرقوا مدينة برصا، ومكثوا ستة أشهر يقتلون، ويأسرون، وينهبون، ويفسدون، وعدّى الأمير سلمان بن أبى يزيد بن عثمان إلى برّ القسطنطينية.

قيل إنّ تمرلنك، لما قبض على أبو يزيد بن عثمان (١)، صنع له قفصا (٣) من حديد، ووضعه فيه، وصار يدخل به إلى المدن، ويعجّب عليه، فما طاق ذلك، فابتلع فصّا (٤) من حجر الماس، فمات وهو بالقفص الحديد.

وفيه، فى ثالث المحرّم، أنعم السلطان بإقطاع علان، نائب حماة، على الأمير جركس المصارع؛ وبإقطاع جمق، نائب الكرك، على الأمير آقباى الكركى، وزيد عليه سمسطا.

وفيه، فى سابعه، نزل الأمير سودون طاز، أمير آخور، من الاصطبل السلطانى،


(١) عثمان: عثمن.
(٢) الجرحى: الجرحا.
(٣) قفصا: قفص.
(٤) فصا: فص.