للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى شعبان، فيه شرع الأمير نوروز الحافظى، رأس نوبة النوب، فى بناء قبّة على الفسقية التى بالخانقاة الشيخونية، وكان قبل ذلك على صحن الخانقاة سحابة ملحم، تظلّ على الفسقية من حرّ الشمس، فلما قرّر الأمير نوروز ناظرا على الخانقاة الشيخونية، عقد على الفسقية هذه القبّة الموجودة الآن، وفيها يقول بعض الشعراء، وأجاد:

أمر الأمير الحافظى بقبّة … جاءت عروسا تجتلى فى عقدها

عقدت على فسقية فى الصحن قد … صارت كحسن حلاوة فى عقدها

وفيه وقعت نادرة لطيفة، وهو أنّ فى يوم الاثنين ثانى شعبان، أخرجوا غلمان الفيل، الفيل الكبير، ليسيروا به، فتوجّهوا به إلى نحو بولاق، من الطريق التى تطلع على قنطرة باب البحر، وكان هناك بجمون على رأس العطفة، التى تخرج إلى الخليج الناصرى، فداس الفيل على ذلك البجمون، فخسف به، وغاصت رجله فيه إلى فخذه، فلم يقدر أحد من الناس يخلّصه، فأقام على ذلك ساعة ومات؛ فلما أشيع أمره فى القاهرة، خرجت إليه الناس أفواجا، أفواجا، يتفرّجون عليه، فغلقت فى ذلك اليوم سائر الأسواق والدكاكين، بسبب الفرجة على الفيل الذى مات بالبجمون، وعملت فيه الشعراء مراثى كثيرة (١) لم يحضرنى منها غير هذا الرجل، قال بعض الزجّالة:

تعا اسمعوا بالله يا ناس إلّى جره … الفيل وقع يوم الاثنين فى القنطرة

لما أفلسوا غلمان الفيل، راموا الحراف … خدوه وراحوا صوب بولاق، يجبو المطاف

رأو شويخ من أهل الله، ما فيه خلاف

جو ياخدوا شيوا منّو بالزنطرة … دعا على الفيل اتقنطر فى القنطرة

قالوا بأنّوا فى البجمون، مغروس يصيح … فقلت حتى روح أبصر، إن كان صحيح

آجى ألاقى الفيل ميّت، ملقى طريح


(١) كثيرة: كثير.