للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبقيّة خمسمائة مملوك، فإنّهم لبسوا السلاح، ووقفوا تحت القلعة، حتى تضحّى النهار، ثم مضوا إلى بركة الحبش ونزلوا عليها.

فبعث الأمير يشبك، الدوادار، نقيب الجيش، إلى الشيخ لاجين، قبض عليه وحمله إلى بيت آقباى، حاجب الحجّاب، فوكّل به من أخرجه من القاهرة إلى بلبيس؛ وقبض على سودون الفقيه، أحد دعاة الشيخ لاجين، وأخرج إلى الإسكندرية، فسجن بها.

وما زال الأمير جكم ببركة الحبش إلى ليلة الأربعاء، فاستدعى الأمير يشبك، الدوادار، سائر الأمراء، فلما صاروا إلى القلعة، وكّل بهم من يحفظهم، حتى مضى جانب من الليل، استدعى سودون طاز، أمير آخور، من الاصطبل، ليحضر إلى عند الأمراء بالقلعة، وقد وقع الاتّفاق على أنّ سودون طاز، إذا طلع، قتل، هو والأمراء الموكّل بهم.

فأتى بعض الخاصكية إلى سودون طاز، وقال له: «فز بنفسك»، فلم يكذّب الخبر، وأخذ الخيول التى بالاصطبل السلطانى، وركب بمماليكه، ولحق بالأمير جكم على بركة الحبش؛ فارتج القصر السلطانى، ولحق كل أمير بداره، وركبوا بأجمعهم، ودقّت الكوسات حربى.

فلما أصبح نهار الأربعاء، نزل السلطان من القصر إلى الاصطبل، وطلع إليه الأمراء، وبعث إلى الأمير جكم بأمان وأنّه يتوجّه إلى صفد، نائبا بها، فقال: «نحن مماليك السلطان، وهو أستاذنا، وابن أستاذنا، ولو أراد قتلنا ما خالفناه [١]، وإنما لنا غرماء يخلّونا وإياهم».

فلما عاد الرسول بذلك بكى [٢] الأمير يشبك الشعبانى، وأقباى الخازندار، وقطلوبغا الكركى، وكانوا هؤلاء هم الغرماء المطلوبين، ودار بينهم وبين السلطان كلام كثير.

فبعث السلطان بالأمير نوروز الحافظى، وقاضى القضاة ناصر الدين محمد


(١٨) خالفناه: خلفناه.
(٢٠) بكى: بكا.