للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم رحل تمرلنك عنها، وهى خاوية على عروشها، خالية من سكّانها وأنيسها، قد تعطّلت من الأذان وإقامة (١) الصلوات، وأصبحت مظلمة بالحريق، موحشة قفراء مغبرة، لا يأويها إلا الرخم.

وأما أهل دمشق، فإنّه لما قدم عليهم الخبر بأخذ حلب، نودى فى الناس بالتحوّل إلى المدينة، والاستعداد للعدو، فاختبط الناس، وعظم ضجيجهم وبكاؤهم، وأخذوا ينتقلون، فى يوم الأربعاء نصفه، من حوالى المدينة إلى داخلها، واجتمع الأعيان للنظر فى حفظ المدينة، فقدم فى سابع عشره المنهزمون من حماة، فعظم الخوف وهمّ الناس بالخلاء، فمنعوا منه، ونودى: «من سافر نهب».

فورد، فى ثامن عشره، الخبر بنزول طائفة من العدو على حماة، فحصّنت مدينة دمشق، ووقف الناس على الأسوار، وقد استعدّوا، ونصبت المناجنيق على القلعة، وشحنت بالزاد.

فقدم الخبر، فى ثانى عشرينه، بأخذ قلعة حلب، وبوصول رسل تمرلنك بتسليم دمشق، فهمّ نائب الغيبة بالفرار، فردّه العامة ردّا قبيحا، وماج الناس وأجمعوا على الجلاء، واستغاث الصبيان والنساء، فكان وقتا شنعا، ونودى من الغد: «لا يشهر أحد (٢) سلاحا، ونسلّم البلاد لتمرلنك».

فنادى نائب القلعة بالاستعداد للحرب، فاختلف الناس، فقدم الخبر بمجئ السلطان، ففتر عزم الناس عن السفر، ثم تبيّن أنّ السلطان لم يخرج من القاهرة.

وفيه، فى ثامن عشره، فرّقت الجمال بقلعة الجبل على المماليك السلطانية. - وفيه، فى عشرينه، نودى فى القاهرة وظواهرها، على أجناد الحلقة، أن يكونوا، يوم الأربعاء ثانى عشرينه، فى بيت الأمير يشبك، الدوادار، للعرض عليه، فانزعج الناس، ووقع عرض الأجناد من يوم الأربعاء.


(١) وإقامة: وإقامت.
(٢) أحد: أحدا.