للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان كثير الصدقات، وقف ناحية يهبيت، من الجيزة، على سحابة تسير مع الركب إلى مكّة، فى كل عام، ومعها جمال تحمل المشاة من الحاج، ويصرف لهم ما يحتاجون إليه من الماء والزاد، ذهابا وإيابا؛ ووقف أرضا على قبور أخوة يوسف، ، بالقرافة.

وكان يذبح دائما، طول أيام إمارته، وسلطنته، فى كل يوم من أيام شهر رمضان، خمسة وعشرين بقرة، يتصدّق بها، بعد ما تطبخ، ومعها آلاف من الأرغفة الخبز النقى، على الجوامع، والمشاهد، والخوانك، والربط، وأهل السجون، لكل إنسان رطل لحم مطبوخ، وثلاثة أرغفة، من نقى البر؛ سوى ما كان يفرّق فى الزوايا من لحم الضأن، فيعطى فى كل يوم، لكل زاوية، خمسون رطلا، وعدّة أرغفة خبز، وفيهم من يعطى أكثر من ذلك، بحسب حالهم؛ ويفرّق كل سنة، على نحو عشرين زاوية، لكل زاوية ألف درهم فضّة.

وكان يفرّق كل سنة، فى أهل العلم والصلاح، مائتين ألف (١) درهم الواحد، إلى مائة دينار ذهبا، ومنهم من له أقلّ من ذلك، بحسب حاله؛ ويفرّق فى فقراء القرافتين، لكل فقير، من دينارين إلى أكثر، وأقلّ؛ ويفرّق فى الخوانك وغيرها، كل سنة مالا كثيرا.

وكان يفرّق فى كل سنة، ثمانية آلاف أردب قمحا، على أهل الخير، وأرباب الستر؛ ويبعث فى كل سنة إلى الحجاز، ثلاثة آلاف أردب قمحا، تفرّق بالحرمين.

وفرّق فى مدّة الغلاء، كل يوم، أربعين أردبا، عنها ثمانية آلاف رغيف، فلم يمت فيه أحد (٢) بالجوع، فيما علمنا؛ وكان يبعث كل قليل بجملة من الذهب، تفرّق فى الفقراء والفقهاء، حتى أنّه تصدّق مرّة بخمسين ألف دينار ذهبا، على يد الطواشى صندل المنجكى.


(١) مائتين ألف: كذا فى الأصل.
(٢) أحد: أحدا.