للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه توفّى الأديب الفاضل أبو الفتح بن الشيخ العارف بالله على البيرى، وكان له نظم جيّد. - وتوفّى موسى بن قمارى، أمير شكار. - وتوفّى المسند محمد بن يوسف ابن أبى المجد.

وفى رجب، تغيّر خاطر السلطان على الأمير علاء الدين على بن الطبلاوى، والى القاهرة، ومتحدّث على ثغر الإسكندرية، وكان القائم فى نكبته السعدى إبراهيم ابن غراب؛ فقبض السلطان على ابن الطبلاوى، وعلى أخيه، وابن عمه، وعلى جميع عياله، وحاشيته، وأصحابه؛ فضرب ابن الطبلاوى بين يدى السلطان، وسجن، هو وأقاربه، بالقلعة.

فلما كان يوم السبت عاشر رجب، طلع جماعة من العوام (١) إلى الرملة، وعلى رءوسهم أعلام ومصاحف شريفة، فوقفوا عند باب السلسلة، واستغاثوا، فأرسل إليهم السلطان بعض الأوجاقية، وقال لهم: «ما شأنكم»؟ فقالوا: «نسأل السلطان أن يشفعنا فى الأمير علاء الدين بن الطبلاوى».

فلما سمع السلطان ذلك، حنق منهم، وأرسل لهم جماعة من المماليك، نزلوا من الطباق ومعهم قسى ونشاب، فأرموا على العوام، فتشتّتوا وهربوا، ولم يلبث منهم أحد، كما قيل: «السيف أصدق أنباء من الكتب».

وأمر السلطان الأمير يلبغا المجنون، الأستادار، بمعاقبة ابن الطبلاوى، واستخلاص الأموال منه، ومن حواشيه وأهله؛ فحمل ابن الطبلاوى على فرس، وفى عنقه طوق من الحديد، مع الأمير يلبغا المجنون، وشقّ به من القاهرة نهارا، حتى دخل به إلى منزله برحبة باب العيد، فأخرج منه اثنين (٢) وعشرين حمّالا، ما بين سمور وغيره من أنواع الفرو، وثياب صوف، ومالا، ذكر أنّه مبلغ مائة وستين ألف دينار؛ وأخذ من داره أيضا ألفا ومائتا قفّة فلوس، صرفها ستمائة ألف درهم، ومن الدراهم الفضّة خمسة وثمانون ألف درهم، وجملة من الذهب.


(١) العوام: الأعوام. وقد وردت «العوام» فيما يلى.
(٢) اثنين: اثنتين.