للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملك محمود شاه، أستاذ تمرلنك، وأسر فى المعركة ابن تمرلنك، وكان أكبر أولاده، وقتل من عساكر ابن تمرلنك نحو مائة [ألف] (١) إنسان.

فلما رأى تمرلنك عين الغلب، أرسل يطلب الأمان من صاحب البصرة، وأنّ يطلق له ولده الذى أسر، فأرسل صاحب البصرة يقول له: «ما أطلق لك ابنك حتى تطلق أنت ابن القان أحمد بن أويس، الذى أسرته لما توجّهت إلى بغداد»؛ فلما سمع تمرلنك هذا الجواب، حنق وأرسل إلى البصرة عساكر لا تحصى، وحاصرها ثانيا فلم يقدر عليها، وقتل من عسكره نحو الثلث، وكان ذلك فى زمن الشتاء، فلما رأى تمرلنك ذلك رجع إلى بلاده، وقال: «حتى يمضى الشتاء أرجع إليهم».

فلما تواترت الأخبار على السلطان، رسم بعرض العسكر، ونادى فى القاهرة بالسفير، عامّا، والغزاة فى سبيل الله تعالى؛ وصار الأمير علاء الدين، والى القاهرة، يكرّر هذه المناداة (٢) فى القاهرة ثلاثة أيام متوالية، فاضطربت الأحوال، وتزايدت الأهوال.

ثم إنّ السلطان عرض العسكر فى الميدان، الذى تحت القلعة، وما صدّق العسكر أنّ فتنة منطاش قد خمدت، فاستأنفت فتنة أخرى، كما قيل:

وثقيل ما برحنا … نتمنّى (٣) البعد عنه

غاب عنا ففرحنا … جاءنا أثقل منه

وفى ذى الحجّة، عزل قاضى القضاة الشافعية صدر الدين المناوى؛ وأعيد بدر الدين القاضى أبو البقا السبكى. - وفيه توفّى القاضى زين الدين أبو بكر بن عثمان العجمى الحلبى، أحد الموقّعين بديوان الإنشاء الشريف، وكان شاعرا ماهرا، وله شعر جيّد، ولا سيما فى [منّ] (٤) المواليا، فإنّه كان من جملة فرسان ميدانها، وقائد فنّ عنانها، فمن ذلك قوله:

للحبّ قالوا معناك الذى أدبلتو … جد لو بقبلة فعقلو فيك خبّلتو


(١) [ألف]: عن فيينا ص ٤٩ ب.
(٢) المناداة: المنادى.
(٣) نتمنى: نتمنا.
(٤) [فن]: عن فيينا ص ٤٩ آ.