للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إنّ المقوقس كتب كتابا إلى ملك الروم، يعلمه بذلك، فكتب إليه ملك الروم:

«قد أتاك من العرب اثنا عشر ألف إنسان، فعجزت عن قتالهم، وبمصر ما لا يحصى عددهم من الروم، فلا سبيل إلى هذا أبدا»؛ فأرسل المقوقس يقول لعمرو بن العاص:

«إنّ ملك الروم لم يوافق على أمر الصلح، ولا الجزية، ولم يكن نقض الصلح منى».

ثم جاءت الأخبار بأنّ ملك الروم، أرسل عسكرا عظيما فى البرّ والبحر، فلما سمع ذلك عمرو، خرج إليهم بمن معه من العربان، فتلاقوا بالكربون.

وكان عبد الله بن عمرو بن العاص على مقدّمة الجيش، وحامل اللواء يومئذ وردان، مولى عمرو، فعند ذلك صلّى عمرو صلاة الخوف، وبرز للقتال، وتلاقى (١) مع عساكر الروم هناك.

فلم تكن إلا ساعة وقد فتح الله تعالى على المسلمين بالنصر على عساكر الروم، فقتل فى ذلك اليوم من عساكر الروم ما لا يحصى عددهم، وقتل من الصحابة، فى ذلك اليوم، اثنان وعشرون رجلا.

فلما وقعت الكسرة على عسكر الروم، توجّهوا إلى ثغر الإسكندرية وحصّنوها، وكان عليها يومئذ سبعة أسوار؛ فلما تحصّنوا الروم بالإسكندرية، أرسل هرقل إلى سائر أعماله من البلاد، يستحثّهم فى جمع العساكر، وسرعة الحضور، وقصد قتال عمرو وأصحابه، فلما سمعوا الصحابة بذلك، تقلّقوا وضاق صدرهم.

ثم بعد أيام قلائل جاءت الأخبار بأنّ هرقل قد هلك، وكفى الله المؤمنين القتال، فكان كما قيل فى المعنى:

تذكّر صنع ربّك كيف يأتى … بما تهواه من فرج قريب

فلا تيأس إذا ما ناب خطب … فكم فى الغيب من عجب عجيب

قال الليث بن سعد، : مات هرقل سنة عشرين من الهجرة، وكسر الله تعالى بموته شوكة الروم.

قال ابن لهيعة: إنّ مصر فتحت قبل فتح الإسكندرية بتسعة أشهر، وقد اختلف


(١) وتلاقى: وتلاقا.