للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع مماليك الأمير صراى تمر، نائب الغيبة (١)، فأرسل صراى تمر إلى الأمير قطلوبغا، الحاجب، ووالى القاهرة، كبسوا على من كان سببا لهذه الفتنة، فحصّلوا منهم جماعة فى مكان فى البرقوقية، وهم لابسون (٢) آلة الحرب، فأحضروهم إلى عند الأمير صراى تمر، فعاقبهم وقرّرهم على من كان رأس الفتنة، فأقرّوا على جماعة من المماليك الظاهرية، فسجنهم بخزانة شمايل.

ثم إنّ صراى تمر قبض على سيدى بيبرس ابن أخت الملك الظاهر برقوق، وسجنه بالقلعة؛ ثم إنّ صراى تمر نادى فى القاهرة، أنّ كل من قبض على مملوك من مماليك الظاهر برقوق، يأخذ له عشرين دينارا، فاضطربت القاهرة، وكثر بها القيل والقال؛ [ثم إنّ الأمراء اشتوروا فى بعضهم، وخافوا على أنفسهم من القتل] (٣)؛ فأطلقوا سيدى بيبرس ابن أخت الملك الظاهر برقوق، وكذلك كل من كان مسجونا بخزانة شمايل من مماليك الظاهر برقوق؛ واستمرّ فى كل يوم الاضطراب يتزايد بين العسكر والأمراء.

ثم جاء هجّان من الشام، وعلى يده مراسيم إلى الأمراء، بأنّ [الملك] (٤) المنصور دخل إلى الشام وملكها، وأنّ الظاهر برقوق هرب إلى حلب؛ فأخلعوا على ذلك الهجّان، الذى جاء بالبشارة، خلعة سنيّة، ودقّت البشائر ثلاثة أيام، ثم ظهر أنّ هذا الحديث كذب، ليس له صحّة، ثم بعد ذلك انقطعت الأخبار من الشام مدّة طويلة.

ومن الحوادث، أنّ فى ليلة الأربعاء مستهلّ (٥) شهر صفر، بات بالقلعة جماعة من المماليك السلطانية، ونقبوا حائط السجن الذى بالقلعة، وكان به مسجون جماعة من المماليك، فأخرجوهم منه، فلما كثروا جاءوا إلى باب يتوصّل إلى الاصطبل السلطانى، فنقبوه ونزلوا منه إلى الاصطبل، وأتوا إلى باب السلسلة، فوجدوه مقفولا، فعبثوا فيه بعتلة حديد، فأحسّوا بهم الحرّاس، فتقدّم إليه بعض المماليك، وضرب أحدهم


(١) الغيبة: غيبة.
(٢) لابسون: كذا فى الأصل.
(٣) ما بين القوسين نقلا عن فيينا ص ٣١ ب.
(٤) [الملك]: عن فيينا ص ٣١ ب.
(٥) مستهل شهر صفر: كذا فى طبعة بولاق ج ١ ص ٢٨٥. وفى الأصل: ثانى عشر صفر.