للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الروم، مع كثرتهم، وهم فى قلّة من الناس»؟ فأجابه بعض القبط، وقال: «إنّ هؤلاء (١) القوم لا يتوجّهون إلى جيش إلا استظهروا عليه، وغلبوه»؛ ثم إنّ عمرو وصل إلى بلبيس، فتقاتل مع أهلها نحو شهر، فغلبهم وملكها.

ثم إن عمرو أرسل إلى أمير المؤمنين عمر بأن يستمدّه بالعساكر، فأمدّه بأربعة آلاف أخرى، فبقى معه ثمانية آلاف؛ فسار عمرو بمن معه من العساكر، حتى نزل على الحصن، وهو مكان قصر الشمع، فصار من بالمدينة قائما يحاصرهم مدّة طويلة.

فلما أبطأ خبر الفتح على أمير المؤمنين عمر، فأمدّ عمرو بأربعة آلاف أخرى، وفيهم الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد، أجمعين، فنصب عمرو بن العاص منجنيقا، ورمى به على أهل الحصن.

وكان فى الحصن علج من علوج الروم، يقال له الأعرج، فقال لمن حوله: «إذا مرّ عليكم عمرو، أمير القوم، فألقوا عليه صخرة فتقتله»؛ فمرّ عليهم عمرو، فحالوا بينه وبين أصحابه، فقال لهم عمرو: «أنا أصغر من فى (٢) القوم، ولا يضرّ هم قتلى، إن قتلتمونى»، فقال الأعرج فى نفسه: «وإيش يفيد من قتل واحد من جماعة كثيرة»؟ فأمر بإطلاقه، فخرج إلى أصحابه سالما، ولم يعلم الأعرج أنّه أمير القوم، وكانت هذه الحيلة التى دبّرها عمرو أول المكائد منه.

ثم إنّ الزبير بن العوام، ، وضع سلّما إلى جانب السور، من ناحية سوق الحمام، وصعد عليه، وأمر أصحابه إذا سمعوه يكبّر، فيزحف العسكر جميعا؛ فلما صعد الزبير على السلّم، وكبّر، والسيف فى يده، فزحف الجيش جميعا، وكبّروا، فما شك من بالحصن أنّ العرب قد اقتحموا الحصن، فهربوا من وجه العرب، فعمد الزبير وأصحابه إلى باب الحصن وفتحوه.

فلما بلغ المقوقس ذلك، خاف على نفسه من القتل، فتوجّه إلى الجزيرة، يعنى الروضة، وأرسل إلى عمرو يسأله فى الصلح، وأن يفرض للعرب، على القبط،


(١) هؤلاء: هولاى.
(٢) من فى: ما فى.