للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما جاءت هذه الأخبار؛ ماجت القاهرة واضطربت، وحصل للناس غاية الضرر، واضطربت أحوال السلطان جدّا، وضاق الأمر عليه؛ ثم عمل الموكب وعيّن جماعة من الأمراء، وقرّرهم فى وظائف من قتل من الأمراء، ممن تقدّم ذكرهم؛ وأنعم بتقادم (١) ألوف على جماعة من الأمراء، وكذلك بإمريات أربعينيات، وإمريات عشراوات، وأخذ فى استجلاب خواطر العسكر قاطبة؛ ثم رسم بالإفراج عمن كان من المماليك الأشرفية، الذين (٢) كانوا فى السجن بخزانة شمايل، وكذلك مماليك الأسياد.

وفيه حضر تمربغا القجاوى (٣) السوّاق، وكان قد توجّه إلى الشام بسبب كشف أخبار يلبغا الناصرى، فلما وصل إلى غزّة، وجد طوالع جيش (٤) يلبغا الناصرى قد وصل إلى غزّة، وقد تحارب معهم الأمير حسام الدين بن باكيش، نائب غزّة، وقتل فى هذه المعركة نحو من مائة إنسان، ومن أمراء غزّة ثلاثة أمراء.

فلما تحقّق السلطان ذلك، توجّه إلى مقام سيدى محمد الردينى، الذى هو داخل دور الحريم، وأرسل خلف شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى، فلما حضر أرسل خلف أمير المؤمنين المتوكّل، فحضر من البرج الذى بالقلعة وهو مقيّد، وكان له نحو ست سنين وهو فى البرج، وكان فكّ قيده، فلما اضطربت الأحوال بالبلاد (٥) الشامية أعاده إلى القيد ثانيا، فلما حضر قام السلطان واعتنقه وتلطّف به، واعتذر إليه مما وقع منه فى حقّه، وقال: «هذا كان مقدّر (٦)»، فكان كما قيل:

إذا كان وجه العذر ليس بواضح … فإنّ اطراح العذر خير من العذر

ثم طلب القضاة الأربعة، وأحضر خلعة الخلافة، وأخلع على المتوكّل، وأعاده


(١) بتقادم: بتقام.
(٢) الذين: الذى.
(٣) القجاوى: القحاوى.
(٤) جيش: فى لندن ٧٣٢٣ ص ١٨ آ، وكذلك فى باريس ١٨٢٢ ص ٢٣٣ آ، وأيضا فى فيينا ص ١٩ ب: جاليش.
(٥) بالبلاد: ببلاد.
(٦) مقدر: كذا فى الأصل.