للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأعيان الناس، ولاقته قضاة القضاة من المطرية، فدخل إلى القاهرة فى موكب حفل، وشقّ من المدينة، فزيّنت له، واستمرّ فى هذا الموكب حتى طلع إلى القلعة؛ وكان آنص حضر صحبته القاضى كمال الدين المعرّى، قاضى حلب الحنفى، وحضر ولىّ الدين ابن أبى البقا، قاضى دمشق الشافعى، وآخرون (١) من أعيان حلب ودمشق.

قال الشيخ تقىّ الدين المقريزى (٢)؛ لما تلاقى (٣) الأتابكى برقوق مع أبيه آنص بالعكرشا، تعانقا وتباكيا؛ قال بعض المؤرّخين: إنّ المكان الذى تلاقى (٣) فيه الأتابكى برقوق مع أبيه آنص، هو المكان الذى التقى فيه يوسف مع أبيه يعقوب، .

ثم ركبا من هناك وتوجّها إلى سرياقوس، فمدّ له الأتابكى برقوق هناك مدّة عظيمة، وأجلس أباه فى صدر السماط، وأجلس إلى جانبه الأمير عزّ الدين أيدمر الشمسى نائب السلطنة، وجلس الأتابكى برقوق تحت الأمير أيدمر، وأجلس ولده فرج من الجهة الأخرى، وقد عمّ هذا السماط جميع الأمراء، حتى الغلمان.

فلما رحل من سرياقوس، ودخل من باب النصر، وشقّ القاهرة، كان يوما مشهودا، فبالغ العامّة فى الزينة، وإشعال الشموع والقناديل؛ فلما طلع إلى الاصطبل السلطانى، أخلع على الخواجا عثمان، الذى اشترى (٤) والده، وجلبه من بلاد جركس، ثم بذل للخواجا عثمان مالا جزيلا؛ ثم إنّ الأمراء قدّمت للأتابكى برقوق التقادم الجليلة، كل أحد على قدر مقامه؛ ثم إنّ الأتابكى برقوق استسلم والده آنص، وأعتقه، وختنه، وحسن إسلامه.

ثم إنّ بعض الأمراء المقدّمين وقف للأتابكى برقوق، وقبّل الأرض، وسأله أن يكون طرخانا، ويرتّب له ما يكفيه، وأن ينعم بتقدمته على والده الأمير آنص، فشكر له برقوق ذلك، ورتّب له ما يكفيه، وجعله طرخانا كما طلب، وأنعم بتقدمته على والده آنص، وكان جركسيّا، مغلق اللسان، لا يعرف كلمة بالعربى، فاستمرّ فى إمرته ثلاثة


(١) وآخرون: وآخرين.
(٢) المقريزى: انظر السلوك ج ٣ ص ٤١٣.
(٣) تلاقى: تلاقا.
(٤) اشترى: اشترا.