بإبطال ما كان يؤخذ من المكوس على الحجّاج، ومن التجّار الواردة من العراق، وغيرها من البلاد؛ ثم إنّه عوّض الشريف أمير مكّة عن ذلك بإقطاع بمصر، يرسل يستغلّه فى كل سنة من مصر.
وفى شهر ربيع الأول، توجّه قاضى القضاة عزّ الدين بن جماعة المقدسى إلى عند الأتابكى يلبغا، وعزل نفسه من القضاء بحضرته، وأخرج مصحفا حمائلى، كان فى كمّه، وتوسّل إلى يلبغا فى أن لا يشقّ عليه فى عوده إلى القضاء، وأن يعفيه من ذلك، فتلطّف به الأتابكى يلبغا بأن يعود إلى القضاء، فأبى من ذلك، وامتنع غاية الامتناع.
فلما أيس منه يلبغا، أرسل خلف الشيخ بهاء الدين محمد أبو البقا السبكى، وخلع عليه، واستقرّ به قاضى قضاة الشافعية بمصر، عوضا عن عزّ الدين بن جماعة، بحكم استعفائه منها.
وفى ربيع الآخر، قرّر الأمير ألجاى اليوسفى، فى وظيفة الخازندارية الكبرى، وكان الأمير ألجاى متزوّجا بوالدة السلطان الملك الأشرف شعبان، وهى خوند بركة.
وفيه قرّر الناصرى محمد بن بكتمر الحاجب، فى نظر المشهد النفيسى، عوضا عن أمير المؤمنين محمد المتوكّل على الله، بحكم إخراج النظر عنه، فشقّ ذلك على الخليفة المتوكّل؛ نقل ذلك المقريزى (١).
وفى شهر جمادى الأولى، أنعم السلطان على سيدى شعبان بن الأتابكى يلبغا، بتقدمة ألف.
وفيه توفّى الأمير قمارى الحموى، نائب طرسوس. - وتوفّى الشيخ زين الدين
(١) المقريزى: انظر كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك لتقى الدين أحمد بن على المقريزى، حققه وقدّم له ووضع حواشيه الأستاذ الدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور، القاهرة ١٩٧٠ - ١٩٧٣، الجزء الثالث، القسم الأول ص ١٠٠. وسوف يشار إلى هذا الكتاب، فى الحواشى، هنا فيما يلى، بكلمة «السلوك»، وذلك فى المواضع التى يذكره فيها ابن إياس فى متن هذا القسم من كتابه بدائع الزهور فى وقائع الدهور.