وفى يوم الأحد تاسع عشره حضر السلطان من الفيوم وعدّى من الجيزة فلاقاه الخليفة والقضاة الأربعة، فشقّ من الصليبة وقدامه القضاة الأربعة والأتابكى سودون العجمى وسائر الأمراء المقدّمين وأعيان المباشرين، وانسحبت الجنايب قدامه، وطلع إلى القلعة فى موكب حفل، فكانت مدّة غيبته فى الفيوم تسعة أيام فكشف على الجسر الذى هناك وعاد، ودخل عليه تقادم كثيرة من الكشّاف ومن المدّركين ما بين خيول وأغنام وأبقار مما أشيع بين الناس، وغير ذلك من التقادم الفاخرة. وقيل لما توجه الخليفة ليسلم على السلطان فلم يجتمع به هناك فطلع بعد العصر إلى القلعة وسلم على السلطان وهنّأه بالسلامة. - ومن الحوادث فى ذلك اليوم أن السلطان لما عدّى من الجيزة كان فى ذلك اليوم رياح عاصفة فغرقت مركب قدام المقياس وقد ازدحمت فيها الخيول وشبّت على بعضها، فأشيع أن المركب قد انقلبت بمن فيها ثم خمدت تلك الإشاعة عن ذلك الخبر.
وفى يوم الاثنين عشرينه كان فطر النصارى وهو أول يوم فى الخماسين وعيد النصارى، وكانت خماسين مباركة لم يظهر فيها شئ من أمر الطاعون بالديار المصرية ولا بأعمالها قاطبة. - وفى يوم الخميس ثالث عشرينه أشيع بين الناس أن النيل قد زاد ذراعين، فطلع ابن أبى الرداد وأخبر السلطان أن النيل قد زاد نصف ذراع، وكان النيل يومئذ فى اثنتى عشرة (١) ذراعا وثلاثة أصابع، فزاد على ذلك نصف ذراع وكان ذلك فى شهر برمهات، وسبب هذه الزيادة أن الأمطار كانت كثيرة بأعلا بلاد الصعيد فانحدر منها السيول إلى النيل فزاد هذه الزيادة فى غير أوانها، وقد وقع مثل ذلك فى بعض السنين الماضية وزاد فيها النيل فى غير أوانه بسبب السيول فزاد نحو ذراعين. - وفى يوم السبت خامس عشرينه جلس السلطان فى الميدان وعرض الأمراء الطبلخانات والعشرات ورءوس النوب فلما عرضهم قال لهم:
اعملوا يرقكم وكونوا على يقظة من السفر فإنى أنفق وأخرج فى جمعة واحدة، فنزلوا على ذلك.