للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السنة جماعة كثيرة، وكان معهم الغلاء موجودا، وكانت العربان طافشة فى درب الحجاز، ولا سيما ما وقع للمبشّر فى هذه السنة، وقد تقدّم القول على أن العرب عرّوه وأخذوا كلّ ما (١) معه، حتى كتب الحجّاج فلم يصل لأحد من حجّاجه فى هذه السنة كتاب ولا علم لهم خبر. - ولما حضر الأمير علان أشيع أنه قبض فى مكّة على شخص يقال له المعلّم أحمد الشامى، وكان أصله من عتّالين (٢) الزردخاناه، فوجدوا معه مالا يفتك فيه فى مكّة، فلما بلغ أمره للأمير علان قبض عليه، وكان له رفيق فهرب من هناك، فلما دخل أحمد الشامى هذا إلى القاهرة أسفرت القضيّة على أن أحمد الشامى كان اتّفق مع جماعة من معلّمين (٣) دار الضرب التى كانت بالقلعة وسرقوا من مال السلطان اثنى عشر ألف دينار، وقد تقدّم القول على ذلك، وغرّمها السلطان للمعلّم يعقوب اليهودى معلّم دار الضرب، فلما حضر أحمد الشامى بين يدى السلطان اعترف بذلك، فسلّمه السلطان للوالى يعاقبه حتى يستخلص منه المال الذى أخذه، ثمّ إن أحمد الشامى أقرّ على شخص كان معهم لما أخذوا المال وهو كان بالقاهرة مقيما، فلما أقرّ عليه أحمد الشامى خاف على نفسه من الضرب فأحضر للسلطان أربعة آلاف دينار وقال: هذا هو القدر الذى نابنى من المال ولم يخصّنى شئ غير ذلك، فلم يكتف (٤) منه السلطان بذلك ورسّم عليه وشكّه فى الحديد حتى يحضر بقية المال، وكان هذا الشخص من معلّمين (٣) دار الضرب أيضا ممن فعل معهم ذلك، وقد ظهر هذا المال الذى سرق من دار الضرب بعد مدّة طويلة فعدّ ذلك من جملة سعد السلطان.

وفى يوم الخميس خامس عشرينه حضر قاصد من عند ملك الحبشة، أقول أن قصّاد ملوك الحبشة لها مدة طويلة لم يدخل منهم أحد إلى مصر، وقد دخل قاصد من عند ملك الحبشة فى دولة الملك الأشرف قايتباى وذلك فى سنة ست وثمانين وثمانمائة، وفى هذه المدّة لم يدخل إلى مصر قاصد من عند ملوك الحبشة سوى هذا القاصد لأن


(١) كل ما: كلما.
(٢) عتالين: كذا فى الأصل.
(٣) معلمين: كذا فى الأصل.
(٤) فلم يكتف: فلم يكتفى.