كثرت الأمراض بالناس وحدث لهم السعال وذات صدر حتى صاروا يتساقطون على بعضهم، ولكن كان الغالب فيه السلامة. - وفيه توفى القاضى نور الدين على الدمياطى أحد نوّاب الحنفية، وكان لا بأس به، وقاسى شدائد ومحنا، وصودر وأخذ منه مال له صورة.
وفى رمضان فى يوم مستهلّه عرض الوزير الجمالى يوسف البدرى اللحم والخبز والسكر والدقيق والغنم، فطلع بذلك وهو مزفوف على رؤوس الحمّالين، وكان السلطان فى الميدان فأخلع عليه وعلى الزينى بركات بن موسى ناظر الحسبة الشريفة. - وفى يوم الأربعاء عاشره توفى القاضى إبراهيم بن البابا المعروف بالشرابيشى ناظر الذخيرة والمتحدّث على أوقاف الزماميّة، وكان رئيسا حشما ليّن الجانب، ومات وهو فى عشر الثمانين وزيادة، وكان لا بأس به، فلما توفى أخلع السلطان على ولده الشمسى شمس الدين محمد وقرره فى تلك الجهات كما كان والده. - وفى يوم الجمعة تاسع عشره توفى القاضى كمال الدين محمد بن القاضى خير الدين الشنشى أحد نوّاب الحنفية، وكان رئيسا حشما لا بأس به. - وفى ليلة الثلاثاء ثالث عشرينه كانت وفاة الأتابكى قرقماس من ولى الدين أتابيك العساكر بالديار المصرية، فرجّت لموته القاهرة وكانت جنازته مشهودة ومشى فيها القضاة الأربعة وسائر الأمراء من كبير وصغير وكذلك أعيان المباشرين ومشاهير الناس بحيث لم يتأخر منهم أحد، وكانت جنازته حافلة وأخرجوا قدامه كفّارة ما بين خبز وتمر وغنم، فلما وصلوا به إلى مدرسة السلطان حسن نهبوا العوامّ تلك الكفّارة عن آخرها، ثم نثروا على نعشه الفضّة فى عدّة أماكن، وكثر عليه الحزن والبكاء من الناس فإنّه كان ليّن الجانب وعنده تواضع، فلما وصل إلى سبيل المؤمنى خرج السلطان من الميدان وهو راكب وأتى إلى سبيل المؤمنى فنزل عن فرسه ودخل المصلاة، فلما وضعوا نعشه بين يديه قبّلة وهو فى النعش وبكى عليه بكاء كثيرا، فلما صلّوا عليه حمل نعشه ومشى به خطوات حتى أخذوه منه الأمراء وتوجّهوا به وهم قدّامه مشاة إلى تربته التى أنشأها بالصحراء بجوار