للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلاة الصبح، كما جرى لأبى البقا بن الجيعان وقد تقدّم ذكر ذلك. - وفيه توجّهت طائفة من المماليك (١) إلى بيت شخص من الأمراء الرؤوس النوب يقال له أينال باى، فأحرقوا بيته ونهبوا ما فيه، وكان سبب ذلك أن صبيا أمرد كان بجمقدارا عند بعض المماليك فهرب من عنده واحتمى بهذا الأمير، فدخل إليه المملوك يطلب الصبىّ من عنده وادّعى أنه سرق من عنده شيئا، فأغلظ المملوك على ذلك الأمير فى القول فأدّبه وضربه، فتعصّبت له خشداشينه وأتوا إلى بيت أينال باى المذكور ونهبوه وقصدوا حرقه، فشكاهم إلى السلطان فلم يلتفت إلى كلامه وراح النهب فى كيسه. - وفيه جاءت الأخبار بأن العسكر الذى توجّه إلى الهند صحبة حسين المشرف قد كسروهم الفرنج كسرة فاحشة، وقتلوا العسكر عن آخره ونهبوا ما فى مراكبهم أجمعين، فتنكّد السلطان لهذا الخبر. - وفيه سافر ناظر الخاصّ والأمير محمد بيك قريب السلطان إلى ثغر الإسكندرية، بسبب تجهيز المراكب التى يتوجّه فيها الأمير علان إلى بلاد ابن عثمان. - وفيه أفرج السلطان عن الشهابى أحمد بن الجيعان، وكان له مدّة وهو فى الترسيم حتى غلّق ما قرّر عليه من المال.

وفى ربيع الأول طلع ابن أبى الرداد ببشارة النيل، وجاءت القاعدة ستة أذرع وثمانية عشر أصبعا، وكانت أزيد من العام الماضى بثمانية أصابع. - ومن النوادر اللطيفة أن بركة الرطلى زرعت فى هذه السنة حشيشا، وهذا لم يتّفق قطّ وكان الذى زرع الحشيش كمال الدين بن قوسان وقد استأجر أرض بركة الرطلى، فكان كل من دخل إليها يبتهج بذلك ولا سيما (٢) أصحاب الكنبة من الحشّاشين، فجاءت إليها الناس أفواجا يتفرّجون على ذلك الحشيش، وقد وضع من أهله فى محلّه، حتى عدّ ذلك من النوادر الغريبة، وفيه يقول بعض شعراء العصر:

تناهت بركة الرطلى حسنا … وصارت جنة فيها عروش

ومذ زرعوا الشدانق فى ثراها … ببد ونسيمها طلع الحشيش


(١) المماليك: المماليك الجيعان.
(٢) ولا سيما: وسيما. - الكنبة: الكتبة.