للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبين أخيه (١) يونس، ودخل بينهما ابن عمّهما سليمان، فاتّسع الأمر؛ فلما أن بلغ السلطان ذلك عيّن لهم تجريدة ثقيلة. - وفيه تغيّر خاطر السلطان على القاضى صلاح الدين بن بركوت المكينى، فأمر بسجنه، فسجن بسجن الرحبة، وذلك بسبب وقف قد استبدله، فأقام فى السجن يوما ثم أطلق، وقرّر عليه جملة من المال حتى أطلق، وقام فى ذلك خوند الخاصبكية زوجة (٢) السلطان.

وفى ربيع الآخر، عيّن السلطان الطواشى شاهين غزالى الظاهرى، بأن يتوجّه إلى دمشق، بسبب ضبط موجود زوجة قانى باى الحمزاوى نائب الشام، وقد ورد الخبر بموتها. - وفيه عاد الأتابكى أحمد بن السلطان من السرحة، فزيّنت له القاهرة، وكان لدخوله يوم مشهود، ونزل من القلعة فى موكب حافل، فأخذ الناس يلهجون بتمام سعده، وأن السلطان يزول عقيب ذلك، وكذا جرى.

ففى ذلك اليوم مات الناصرى محمد بن أيتمش الخضرى بن أخت خوند زينب، زوجة الملك الأشرف أينال، فانقلب فى ذلك اليوم السرور بالعزاء، وكان مبتدأ أنكادهم، وكان الناصرى محمد بن الخضرى رئيسا حشما، منهمكا فى اللذات، يميل إلى المغنى (٣) وشرب الراح، ثم قرب موته أظهر التوبة واشتغل بالعلم على مذهب الحنفية، وأخذ عن الشيخ تقى الدين الشمنى، ومات وهو على خير وتوبة، فكان كما قيل:

لن ترجع الأنفس عن غيّها … حتى ترى (٤) منها لها واعظ

وفيه توفّى، أو فى الشهر الذى قبله، الأديب البارع الشهاب أحمد بن الشاب التايب، وكان لطيف الذات، عشير الناس، جيّد النظم والخطّ، وله شعر رقيق جدّا، وفيه يقول الشهاب المنصورى:

قل لشهاب الدين يا قانعا … بالعقل كنزا والحيا قوتا

كم فقت فى نظمك يا سيدى … درّا وفى خطّك ياقوتا


(١) وبين أخيه: وبين أخوه.
(٢) زوجة: زوجت.
(٣) المغنى: المغناء.
(٤) ترى: ترا.