للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمقصود هنا: تدبير الأمر خِفْية؛ فهم يدبرون ويضمرون في قلوبهم ومع بعضهم البعض، وليس بالضرورة أن يكون التدبير ليلًا؛ فالمقصود الخفاء والسّرّيّة، فكل تدبير في الخفاء يسمى تبييتًا، والآية تتحدث عن خيانة نفر من المنافقين وكذبهم على رسول الله .

* ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [النساء: ٨١].

(بَيَّتَ) (وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ):

أي: دبروا خِفية خلاف ما قالوا، وهم المنافقون أيضًا، لكن الله تعالى مطلع عليهم، وخيانتهم الخَفيّة ومكائدهم السرية مكتوبة محفوظة، وسيجازيهم عليها.

* ﴿قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ [النمل: ٤٩].

(لَنُبَيِّتَنَّهُ) أي: لندبَّرنَّ أمر قتلهم ليلًا، أو في الخفاء.

(تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ) أي: أقسم كل منهم لصاحبه، وتبادلوا الحلف على ذلك.

[يتبدل]

قال تعالى: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [البقرة: ١٠٨].

(يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ) التبديل يستخدم في اللغة في أمرين:

١ - التبديل بمعنى التعويض؛ أي: يستبدل الشيء بالشيء.

* كما قال تعالى: ﴿أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ﴾ [البقرة: ٦١].

والمعنى: ومَن يستبدل الإيمان ويجعل الكفر عِوضًا عنه.

٢ - بمعنى التغيير وتحويل الشيء نفسه إلى شيء آخر؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ﴾ [سبأ: ١٦]، فتحولت وتغيرت الجنتان.

والمعنى: أنه مَنْ يُبدّل الإيمانَ فقد غيّر ما في القلب وما فطره الله عليه إلى الكفر، وذلك بتكلف الأسئلة المتعنتة؛ مثل: فِعل بني إسرائيل مع موسى .

فاللفظ (يتبدَّل) يشتمل على: معنى التعويض، ومعنى التغيير؛ فكلاهما صحيح.

<<  <   >  >>