فائدة:
ورد في الحديث الشريف: «رأيتُ إبراهيم ليلة أسري بي فقال: يا محمد، أقرئ أمّتك السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قِيعان وغراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله» صحيح الجامع (٣٤٦٠).
(قِيعَانٌ): جمع قاع؛ وهي: الأرض المستوية الخالية من الشجر.
وأرض الجنة قيعان طيبة مباركة يُثمر فيها العمل ويزكو ويكثر، فيزرع فيها المؤمن بأعماله ويبني أمثال البساتين والحدائق والمُدن؛ فقصورها وأشجارها وغراسها وجميع نعيمها يحصل بالعمل -بفضل الله وكرمه وزيادته- فغراسها هذه الأذكار الواردة والتسبيح؛ وذلك مما يجعل المسلم يحرص ويُكثر.
قِيلِهِ
قال تعالى: ﴿وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (٨٨) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف: ٨٨ - ٨٩].
(وَقِيلِهِ) فيها تأويلات كثيرة، وأكثر المفسرين على قولين محتملين:
١ - أن الواو للاستئناف؛ أي: وقال النبي قوله. أي: قال محمد ﷺ قوله شاكيًا إلى ربه من عَدَمَ إيمانِ قَوْمِهِ قائلًا: (إِنَّ هَؤلَاءِ قَومٌ لا يُؤمِنُونَ) كما جاءَ في قوْلِهِ تعالى: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورا﴾ [الفرقان: ٣٠] ففيها التجاء إلى اللَّهِ، وتفويض أمره إليه؛ ليقضي فيهم بحُكمه.
٢ - أن الواو للعطف على (وعنده علم الساعة) أي: وعنده علم ما قاله محمد وشكواه لربه كذلك.
فائدة:
في مدّ الهاء في (وَقِيلِهِ) مع اقتران النداء بالياء حيث لم يقل: (ربّ) مباشرة، كأنها مصحوبة بزفرة طويلة تُشعر بمدى الهمّ والحزن الذي يحمله النبي ﷺ من إعراض الكفار وصدودهم.
ثم يوجّه الله تعالى نبيّه لما ينبغي فعله معهم بقوله: (فاصفَح عَنهُم وَقُلْ سلام فَسَوفَ يَعلَمُونَ).
(الصفح) هنا معناه: عدم مقابلة إيذائهم بمثله، إلى أن يأتيه الأمر بقتالهم. و (السلام) سلام مُتَارَكَةٍ وهجر، لا سلام تحية؛ كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاما﴾ [الفرقان: ٦٣].
ثم طمأن الله نبيه الكريم بأن الحق سيظهر ويعلو.
(فسوف يعلمون) يعلمون أنه على حق، وأنهم على باطل، ويعلمون عاقبة كفرهم وتكذيبهم.