للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - من التعريف كذلك؛ أي: يوم القيامة يعرفون الطريق إليها، وإلى بيوتهم فيها؛ وكأنها مساكنهم التي اعتادوا عليها في الدنيا.

ففي الصحيح: أن رسول الله قال: «إذَا خَلَصَ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، حُبِسُوا بقَنْطَرَةٍ بيْنَ الجَنَّةِ والنَّارِ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بيْنَهُمْ في الدُّنْيَا، حتَّى إذَا نُقُّوا وهُذِّبُوا أُذِنَ لهمْ بدُخُولِ الجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ بمَسْكَنِهِ في الجَنَّةِ أدَلُّ بمَنْزِلِهِ كانَ في الدُّنْيَا» صحيح البخاري (٢٤٤٠).

من العَرْف: وهو الطِّيب؛ فالمعنى: طيَّبها لهم. والتَّطْيِيبُ مِنْ تَمامِ حُسْنِ الضِّيافَةِ.

عِزين

قال تعالى: ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (٣٧) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ﴾ [المعارج: ٣٦ - ٣٨].

(عِزِينَ) أصلها من العزوة والعِزَة: وهي الجماعة المتعاضدة من الناس.

أي: أنهم جماعات وفرق معرضون عنك.

وكلمة (مهطعين) سبق ذكرها؛ أي: مسرعين.

والمعنى: ما لهم يا محمد (أسلوب تعجّب) مسرعين، يستمعون إليك شأنهم كمن يريد أن يطلب الهدى، ثم يتفرقون يمينًا وشمالًا في حِلقٍ حِلقٍ معرضين عنك، كل جماعة تخوض في باطل، يقولون في استهزاء بالمؤمنين: لئن دخل هؤلاء الجنة لندخلنّها قبلهم.

ومنها ما جاء في الحديث الشريف: دخل رسولُ اللهِ المسجدَ وهم حِلقٌ، فقال: «ما لي أراكم عِزينَ؟!» صحيح أبي داود (٤٨٢٣).

(عِزينَ) أي: حِلقًا حِلقًا متفرقين.

[العسرة]

قال تعالى: ﴿لَّقَد تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٧].

(سَاعَة العُسرَةِ) أي: فِي وَقْتِ الْعُسْرَةِ، وَلَيس المقصود سَاعَةً بِعَيْنِهَا؛ فقد كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ تُسَمَّى: غَزْوَةَ الْعُسْرَةِ، وَالْجَيْشُ يُسَمَّى: جَيْشَ الْعُسْرَةِ.

وَالْعُسْرَةُ: من العسر والشِّدَّة، وهي أيام الخروج إلى غزوة تبوك؛ لشدة الحر والجوع والعطش.

<<  <   >  >>