يقص) على صيغة المجهول (علينا من أمرهما) مفعول لم يسم فاعله، وفي هذه القصة حجة على صحة الاعتراض بالشرع على ما لا يسوغ فيه. ولو كان مستقيمًا في باطن الأمر على أنه ليس في شيء مما فعله الخضر مناقضة للشرع، فإن نقض لوح السفينة لدفع الظالم عن غصبها ثم إذا تركها أعيد اللوح جائز شرعًا وعقلاً، ولكن مبادرة موسى بالإنكار بحسب الظاهر وقد وقع ذلك صريحًا عند مسلم، ولفظه: فإذا جاء الذي يسخرها وجدها منخرقة. وأما قتله الغلام فلعله كان تلك الشريعة. وقد حكى القرطبي عن صاحب العرس والعرائس أن موسى لما قال للخضر: أقتلت نفسًا زاكية اقتلع الخضر كتف الصبي الأيسر وقشر عنه اللحم فإذا في عظم كتفه كافر لا يؤمن بالله أبدًا. وفي مسلم وأما الغلام فطبع يوم طبع كافرًا لا يؤمن بالله، وأما إقامة الجدار فمن باب مقابلة الإساءة بالإحسان.
وهذا الحديث أخرجه البخاري في أكثر من عشرة مواضع، وفيه رواية تابعي عن تابعي وصحابي عن صحابي، وفيه التحديث والإخبار بصيغة الإفراد والسؤال.
٤٥ - باب مَنْ سَأَلَ وَهْوَ قَائِمٌ عَالِمًا جَالِسًا
هذا (باب من سأل وهو قائم عالمًا جالسًا) بالنصب صفة لعالمًا المنصوب على المفعولية بسأل ومن موصول والواو للحال، والمراد جواز فعل ذلك إذا أمنت النفس فيه من الإعجاب وليس هو من باب من يتمثل له الناس قيامًا.
وبالسند إلى المؤلف قال:(حدّثنا عثمان) بن أبي شيبة (قال: أخبرني) بالإفراد وفي رواية حدّثنا (جرير) هو ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة (عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري ﵁(قال):
(جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله ما القتال في سبيل الله) مبتدأ وخبره وقع مقول
القول، (فإن أحدنا يقاتل غضبًا) نصب مفعول له والغضب حالة تحصل عند غليان الدم في القلب لإرادة الانتقام، (ويقاتل حمية) نصب مفعول له أيضًا وهو بفتح الحاء وكسر الميم وتشديد المثناة التحتية وهي الأنفة من الشيء أو المحافظة على الحرم. (فرفع) رسول الله ﷺ(إليه) أي إلى السائل (رأسه) الشريف (قال) أبو موسى أو من دونه: (وما رفع إليه رأسه إلا أنه) أي السائل (كان قائمًا) أي ما رفع لأمر من الأمور إلا لقيام الرجل فإن واسمها وخبرها في تقدير المصدر وفيه جواز وقوف