أمسكه على نفسه) قال عدي بن حاتم (قلت) لرسول الله ﷺ(أرسل كلبي) المعلم (فأجد معه كلبًا آخر قال)﵊(فلا تأكل) منه (فإنما سميت) أي ذكرت اسم الله (على كلبك) عند إرساله (ولم تسمّ على كلب آخر) ظاهره وجوب التسمية حتى لو تركها سهوًا أو عمدًا لا يحل وهو قول أهل الظاهر، وقال الحنفية والمالكية: يجوز تركها سهوًا لا عمدًا، واحتجوا مع أحديث بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ [الأنعام: ١٢١] وقال الشافعية: سُنّة فلو تركها عمدًا أو سهوًا يحل. قيل: وهذا الحديث حجة عليهم. وأجيب بحديث عائشة ﵂ عند المصنف ﵀. قلت: يا رسول الله إن قومًا حديثو عهد بجاهلية أتونا بلحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لم يذكروا أنأكل منه أم لا؟ فقال:"اذكروا اسم الله عليه وكلوا". فلو كان واجبًا لما جاز الأكل مع الشك، وأما الآية ففسر الفسق فيها بما أهلّ لغير الله تعالى وتوجيهه: أن قوله. ﴿وإنه لفسق﴾ ليس معطوفًا لأن الجملة الأولى فعلية إنشائية، والثانية خبرية. ولا يجوز أن تكون جوابًا لمكان الواو فتعين كونها حالية فتقيد النهي بحال كون الذبح فسقًا، والفسق مفسر في القرآن بما أهلّ به لغير الله تعالى فيكون دليلاً لنا علينا وهذا نوع من القلب. وقال تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٥] وهم لا يسمون وقد قام الإجماع على أن من أكل متروك التسمية ليس بفاسق.
ومطابقة هذا الحديث للترجمة من قوله فيها وسؤر الكلاب لأن في الحديث أنه ﵊ أذن في أكل ما صاده الكلاب ولم يقيد ذلك بغسل موضع فمه، ولذا قال مالك: كيف يؤكل صيده ولكون لعابه نجسًا؟ وأجيب بأن الشارع وكله إلى ما تقرر عنده من غسل ما يماسه فمه.
وهذا الحديث من الخماسيات، ررواته كلهم أئمة أجلاّء ما بين بصري وكوفي، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في البيوع والصيد والذبائح ومسلم وابن ماجة كلاهما فيه أيضًا.