الثاني والميم في الأول (قال) أبو سفيان: (فقلت لأصحابي) القرشيين (حين خرجنا) والله (لقد أمر) بفتح الهمزة مع القصر وكسر الميم أي عظم (أمر ابن أبي كبشة) بسكون الميم أي شأن ابن أبي كبشة بفتح الكاف وسكون الموحدة كنية أبي النبي ﷺ من الرضاع الحرث بن عبد العزى كما عند ابن ماكولا وقيل غير ذلك مما سبق في بدء الوحي (إنه) بكسر الهمزة على الاستئناف (ليخافه ملك بني الأصفر) وهم الروم قال أبو سفيان (فما زلت موقنًا بأمر رسول الله ﷺ أنه سيظهر حتى أدخل الله عليّ الإسلام) فأظهرت ذلك اليقين.
(قال الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (فدعا هرقل) الفاء فصيحة أي فسار هرقل إلى حمص فكتب إلى صاحبه ضغاطر الأسقف برومية فجاء جوابه فدعا (عظماء الروم فجمعهم في دار له) وفي بدء الوحي أنه جمعهم في دسكرة أي قصر حوله بيوت وأغلقه ثم اطلع عليهم من مكان فيه عال خوفًا على نفسه أن ينكروا مقالته فيبادروا إلى قتله ثم خاطبهم (فقال: يا معشر الروم هل لكم) رغبة (في الفلاح والرشد) بفتح الراء والمعجمة ولأبي ذر والرشد بضم الراء وسكون المعجمة (آخر الأبد) أي الزمان (وأن يثبت لكم ملككم) لأنه علم من الكتب أن لا أمة بعد هذه الأمة (قال: فحاصوا حيصة حمر الوحش) بحاء وصاد مهملتين أي نفروا نفرتها (إلى الأبواب) التي للبيوت الكائنة في الدار الجامعة ليخرجوا منها (فوجدوها قد غلقت) بضم الغين وكسر اللام مشددة (فقال) هرقل: (عليّ بهم) أي أحضروهم لي (فدعا بهم) فردهم (فقال) لهم (إني إنما اختبرت شدتكم على دينكم) بمقالتي هذه (فقد رأيت منكم الذي أحببت فسجدوا له) حقيقة إذ كانت عادتهم ذلك لملوكهم أو كناية عن تقبيلهم الأرض بين يديه لأن فاعل ذلك يصير غالبًا كهيئة الساجد (ورضوا عنه) أي رجعوا عما كانوا هموا به عند نفرتهم من الخروج عليه.
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: (﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾) أي لمن تدركوا كمال البر أو ثواب الله أو الجنة أو لم تكونوا أبرارًا حتى يكون الإنفاق من محبوب أموالكم أو ما يعمه وغيره كبذل الجاه في معاونة الناس والبدن في طاعة الله والمهجة في سبيل الله ومن في مما تحبون تبعيضية يدل عليه قراءة عبد الله بعض ما تحبون ويحتمل أن يكون تفسير معنى لا قراءة (إلى ﴿به عليم﴾)[آل عمران: ٩٢] ولأبي ذر الآية بدل قوله إلى ﴿به عليم﴾ وسقط لغيره لفظ باب.